أيقونة الفن الأمازيغي الكيتاريست الراحل حسن أعطور| الجزء الثاني
بقلم الاستاذ الحسين امكوي
حقيقية أننا نقاوم ونكابر لكي نحقق أحلامنا ونسعى لأن نكون سعداء. ولكن حقيقي أيضا أننا لا نتوسل السعادة أو نرجوها من أحد. فمن يحبك لن يتركك ترحل. ومن يشتاق إليك بحق لن يقوى على العيش بدونك. لكن تبقى أحيانا اعتبارات قد تجبرك على الرحيل بصمت.
صديقنا المرحوم حسن أعطور له اعتبارات خاصة تجعله يرحل عن مجموعة أودادن بصمت ويرحل عن الحياة أيضا بصمت لا يرجو أحدا ولا يتوسل من أحد. المرحوم حسن أعطور تحمل قلبه الألم. ولكن لم يذرف دمعة واحدة. كما العادة في كل شهر رمضان ستشد مجموعة اودادن الرحال الى الرباط لإحياء سهرات ليالي رمضان ليلتقوا هناك جمهورهم ومحبيهم القادمين من كل صوب وحدب من داخل الوطن وخارجه.
الفنان البياز محمد هو أحد أبناء مدينة الدشيرة ومن الفنانين المرموقين في مجموعة إكيدار شاءت الأقدار ان ينتقل الى الرباط من أجل العمل في فندق la foloque الذي كان يستقبل مجموعة من الفنانين السوسيين لإحياء سهرات ليالي رمضان. كان لزاما أن نعرج على هذا الفنان الكبير لأنه كانت له علاقة صداقة جد متوطدة ساعدت هذا الاخير التقرب أكثر من جميع أفراد المجموعة وخاصة المرحوم حسن أعطور كما يروي البياز محمد. يقول أانه في سنة 1989 توسط لهم عند مدير فندق la foloque حين كان أيامها لا يزال يشتغل به كبارمان. يضيف البياز أنه توسط لهم لإحياء سهرات ليالي رمضان بجانب أعراب أتيكي و تلبنسيرت وتحيحيت مزين.
كان الرد إيجابيا وبذلك تحققت رغبة مجموعة أودادن في احياء السهرات في هذا الفندق الكبي ويتذكر البياز محمد كيف اتصل بالفنان عبد الله الفوا ليزف له خبر قبول مدير lafoloque لاستقبالهم في الفندق فجمهور مجموعة اودادن مهم جدا وصيتها فاق الحدود وموسيقاها بديعة. قلت توطدت العلاقة بين البياز محمد ومجموعة اودادن الى درجة أن أصبح سكن البياز محمد في الرباط وجهة جميع أفراد المجموعة يحكي البياز ان عبد الله الفوا قال لهم بأن هذا الأخير يعتبر سفير مجموعة اودادن بمدينة الرباط بسرعة فائقة أصبح البياز أحد أفراد المجموعة واشتغل معهم كإيقاعي محترف تقرب البياز أكثر من أفراد المجموعة فنسج علاقة أخوية مع المرحوم حسن أعطور وأصبح صديقه المفضل وكانت لهما غرفة مشتركة في الفندق طيلة شهر رمضان يحكي البياز ان المرحوم ترك الصلاة ذات يوم بسبب إلتواء رجله عند سقوطه من السلم. وعندما أراد ان يرد تلك الصلوات يقول بعد إقامة الصلاة (صلاة العصر ليح إمولز ؤدارنو) يعني اني انوي صلاة العصر عندما التوت رجلي قمة البراءة والايمان ويضيف أن المرحوم لا يقبل الظلم ولا يعترف بالتراتبية داخل المجموعة انسان يناقش كل شيء ولا يظلم احد و ينصف كل من لم ينل حقه كاملا.
يعتبر الفنان الحسن أشاوور من أهم الأعضاء الذين التحقوا بمجموعة اودادن قضى مع هذه المجموعة العالمية ما يقارب 14 سنة من 1990 الى 2003 يقول هذا الفنان المتميز والفكاهي البديع في خضم الاحتفالات التي تنظمها وزارة الخارجية المغربية في شهر 11 سنة 1998 ستتوجه المجموعة الى الولايات المتحدة الامريكية للمشاركة في سهرة كبرى هناك التي تنظمها القنصلية المغربية بامريكا وبوساطة رجل اعمال مغربي امازيغي. مكثت المجموعة في الولايات المتحدة الامريكية شهر كامل لتعود المجموعة الى أرض الوطن بعد ان أحيت سهرة ناجحة بكل المقاييس كانت المحطة الاولى الرباط ثم اكادير.
عندما سألته عن المدة التي قضاها المرحوم بالولايات المتحدة الامريكية أجاب تقريبا شهرين شهر قضاه مع المجموعة والشهر الثاني قضاه مع عائلة زوجته في شيكا و يضيف أن المجموعة مباشرة بعد رجوعها من الولايات المتحدة التحقت بفندق القصبة تمارة الرباط لإحياء سهرات ليالي رمضان بدون المرحوم حسن أعطور الذي كان حاضرا بالرباط في هذه المدة ولكن لم يستدعيه أحد ليضيف البياز محمد انه منذ رجوع المرحوم من امريكا لم يعد يهتم بشؤون المجموعة دائم الحظور مع زوجته وعائلته الجديدة وعالم الزوجية.
يقول الحسن أشاور في شهر 2 سنة 1999 ستستعد المجموعة لتسجيل شريط جديد بطريقة multipiste بقي المرحوم حسن أعطور ينتظر منادته لأداء عمله قبل نهاية التسجيل سيخرج البوستير المرافق للشريط بدون صورة المرحوم. هنا سيفهم المرحوم على حد قول اشاور.. سيفهم المرحوم انه استغنوا عنه. ويضيف أشاوور انه نبه الرايس لكن دون جدوى ليستدعوا مكانه عازف قيثار آخر وهو حسن امضري ويضيف أيضا أن المرحوم تغيرت نفسيته أصبح في جل الأوقات شارد الذهن لم يفهم ماذا وقع بالضبط داخل المجموعة للإشارة فالمرحوم هو الوحيد داخل المجموعة الذي يناقش الرايس الفوى في كل شيء ليضيف أشاور أنه ممكن أن يكون هناك تصفية حسابات.
يعتبر بوتهياوت جامع أحد أهم مرافقي المرحوم و خاصة في أيامه الاخيرة مند مغادرته لمجموعة أودادن. يقول بوتاهياوت أن بقاء المرحوم طويلا في أمريكا أعطى انطباعا للمجموعة أن المرحوم سيبقى نهائيا في امريكا.مباشرة بعد مرور مدة عن غياب المرحوم بدأت المجموعة في الاستعداد لتسجيل شريط جديد للخروج من الازمة المالية التي كان يعيشها بعض أفراد المجموعة ويقول اشاور الحسن استقدمت المجموعة عازفا جديدا وسجلت شريطها الجديد.
يقول أشاور الحسن ان المرحوم تعرف على سيدة فاضلة بداية التسعينات ثم توطدت العلاقة بينهم لتنتهي بزواج سنة 1996 ليضيف البياز محمد ان المرحوم حسن غاب عن الساحة الفنية وبقي في سلا مع زوجته لمدة طويلة دون أن يتصل بالمجموعة وخاصة عندما علم بتسجيل شريط جديد بدونه خاصة أنه يعتبر نفسه من أعز أصدقاء الرايس.
يقول بوتاهياوت جامع أن المرحوم تفنن كثيرا في الكتابة ونظم عدة قصائد ولحنها حسب دوقه وقد تفنن فيها كثيرا وقدمت على شكل أغان، تميزت بنظرة وتأويل عميق، التي عبر فيها عن آلامه وأحزانه وخاصة في الأخير عندما أحس بالوحدة. الوحدة النفسي.
ويضيف جامع بوتهياوت انه دائما يقول: أن الفنان الحقيقي لا يقوم بتسول أو شراء الكلمات من أحد، والبحث عن ملحن لها، بل يقوم بمفرده بعملية الإبداع، وهي ليست إلا كيفية إخراج ما يجول في خاطره، بل هي أشبه بشعوره بالفراغ ورغبته في البوح.... ولكن لا يبوح.
لابد ان أرجع الى شهادة حميد إنرزاف الذي قال بالحرف : إموت سلفقسا ما يعني انه مات عندما احس بالغدر و الخيانة. ويقول البياز ان اعز صديق للمرحوم داخل مجموعة اودادن هو عبد الله الفوا هذا الثنائي لا يفترق اثناء العمل او خارج العمل. ان المرحوم يعتبر مبدع وعازف ماهر كان بهذه المواصفات عازفا وكاتب كلمات محنك فقد فكر في دعم موهبته كسب ثقافة موسيقية مكنته من التحدث بطلاقة لغة الموسيقى ومجادلة بعض الموسيقي وانه المحاور الوحيد في مجموعة اودادن هو الذي يتكلف بجميع المسائل الادارية والقانونية عند تنظيم السهرات.
يضيف أشاوور ويقول بالحرف للتاريخ يعتبر المرحوم مهندس جميع ما غنته مجموعة اودادن لحنا وكلمة لا ينفي مشاركة الفنان عبد الله الفوا ويضيف ان المرحوم هو الذي يهيء جميع ما يكتب على البوستيرات الإشهارية لجميع الاشرطة التي غنتها المجموعة ثم يضيف بمرارة وحزن وتحسرا في الحقيقة ان المرحوم يجيد اعداد نصوص شعرية لا يجد عراقيل في تلحينها ايضا وقد تمكن من كتابة مجموعة من القصائد وهذا الكلام يؤكده بوتاهياوت في شهادته ويقول ان جميع هذه الكلمات دونت في ثلاث كتب وهذه الكتب مفقودة الى اليوم هناك من يقول انها مع ابنه وهناك من يقول انها مع حميد انرزاف للتاريخ يقول بوتهياوت ان حميد انرزاف كان يرافق المرحوم ماديا ومعنويا كان له الاخ والسند.
يقول المرحوم في أحد قصائده :
نكي ؤهوي الكدوب ؤهوي نكين ؤهوي ؤريح اسول نتني انمون
نزرا تكوضي صبرح كيكان أياد جليح نكين ؤهوي ؤريح القول اراح ازماو
نكين ؤهوي ؤريح القول ؤراس نزدار مكيتامن اد لاح ؤرد الحياة اد لاح.
يقول الفنان المقتدر مولاي اسماعيل السملالي الذي يعتبر احد مؤسسي مجموعة إكيدار أن المرحوم كان في حياته إنسان رصين مثقف يحب الخير للجميع بشوش يضحك مع الجميع ويناقش الجميع بهدوء وأنه يفضل مجالسته في الكواليس هو و جمومخ محمد و لكن المرحوم حسن له مكانة كبيرة في قلبه يضيف مولاي اسماعيل أن المرحوم محبوب لدى الجميع ومقبول والله عز وجل حباه بهبة لم تكن في كثير من الفنانين الأخرين تحدث كثيرا عن وجوده وقامته وحضوره وسط المجموعة. يقول ضيفي ان المرحوم هو إضافة مهمة للمجموعة اولا كمحاور وثانيا كعازف وإذا كان عبد الله الفوا ذو حنجرة قوية و صوت رفيع قل نظيره فالمرحوم عازف القيثارة رقم واحد بدون منازع. يقول مولاي اسماعيل ان اللون الذي تغنيه مجموعة أودادن موجود في الساحة قبل ظهور مجموعة أودادن ولكن الجديد عند أودادن هو القيثارة ودورها في إعطاء المجموعة هذا البروز الكبير على الساحة الفنية وذكاء المرحوم في ملأ تلك الفراغات التي يحدثها الإيقاع و المصاحبة الفنية لألة البانجورغم اني لا افهم كثيرا في هذه المسائل ولكني تأثرت كثيرا بهذه الشهادة وخاصة من فنان من هذا الوزن. دائما الشهادة للفنان الكبير السملالي يضيف بدون انقطاع ان هذا الحضور الذي يمتاز به المرحوم لن تجده في كثير من المجموعات الغنائية و وفاته كان خسارة للفن سواء على الصعيد المحلي والوطني و الدولي.
يقول السملالي أنه لا ينفي بتاتا دور افراد المجموعة الاخرون ودور المايسترو عبد الله الفوا ولكن يؤكد وبقوة ان اللمسة الفنية التي يضيفها المرحوم حسن اعطور للمجموعة متميزة جدا.