-->
موقع إموريك للفن الأمازيغي موقع إموريك للفن الأمازيغي

ميكانيزمات تأسيس مجموعة إنرزاف | الجزء الثالث: مجموعة إنرزاف النسخة الثانية

 ميكانيزمات تأسيس مجموعة إنرزاف | الجزء الثالث: مجموعة إنرزاف النسخة الثانية


بقلم الاستاذ لحسين امكيوي

أواسط الثمانينات عرفت الساحة الفنية المحلية رواجا فنيا واسعا منقطع النظير، كما حبلت بالعديد من المجموعات العتيدة، و من الصعب إيجاد موقع قدم بينها، و لا حظوظ الفلاح أمامها، كما عرفت هذه المرحلة كذلك ظاهرة الإنشقاقات، بينها أو الإنفصال عنها، الذي غذىء في نفس الوقت تكاثرها، مجموعة "إنرزاف" لم تسلم هي أيضا من هذا المخاض العسير، "إنرزاف الأم"، التي تمخض عنها : مجموعة "إنرزاف أسافي" و مجموعة "إنرزاف الحسن بيزنكاض" و مجموعة "إخوان إنرزاف" ، ثم مجموعة "حميد إنرزاف"، مجموعة "إنرزاف الفاميلا"

إقبيلن تصبح إنرزاف

أواخر سنة 1989 سيقع انفصال داخل مجموعة إنرزاف النسخة الأولى، بسبب اختلاف على مستوى وجهات النظر، بين الفنان الحسن بيزنكاد و الفنان الحسن أسافي، هذا الإنقسام أدى إلى تكوين فرعين، يتكون الفرع الأول من أسافي الحسن، المرحوم بوجنوي عبد الله، ابراهيم باعاللا و موس الدين عبد الله، الذين احتفظوا باسم "إنرزاف أسافي"، بينما يتكون الفرع الثاني من الحسن بيزنكاد و عبد الغني محمد و ابن خالته بورغا عبد المالك، الذين احتفظوا باسم "إنرزاف الحسن بيزنكاد"، انتقل هذا الثلاثي الى بنسركاو، التي كانت ساحتها الفنية غاصة بالعديد من المجموعات الغنائية : "أودادن"،"إبرازن"، "إقبيلن"، "أياون"، "لارشاق"....كانت مجموعة "إقبيلن" آنذاك في بدايتها، فقام الفنان الحسن بيزنكاد و الفنان عبد الغني محمد بالالتحاق و الإتحاد مع هذه الأخيرة، بهدف الحد من المنافسة التي تشهدها الساحة الفنية المحلية، بل الغوا اسم "إقبيلن" ليشتغلوا جماعة تحت اسم إنرزاف و فعلا تم ذلك بعد مشاورات بين أفراد المجموعة ...
عن هذه الرواية يقول الفنان حميد إنرزاف، أن أول لقاء تعارف بين مجموعة "إقبيلن" و مجموعة "إنرزاف" النسخة الأولى، كان بحي "أيت كيوان" بالدشيرة، حيث شاركت المجموعتان و مجموعات أخرى : "إيموريكن"، "إمرجان" و آخرون في مهرجان هناك، و كان الفنان الحسن بيزنكاد يتحدث مع أفراد مجموعة "إقبيلن" كلما أتيحت له الفرصة، كما توالت لقاءات اخرى في مجموعة من الحفلات الخاصة بالدشيرة....و لما سألته كيف تم اللقاء بينكم من أجل تاسيس مجموعة "إنرزاف"، أجاب ان الحسن بيزنكاد لم يقصدهم لوحده، بل كان معه الفنان الكيتاريست محمد عبد الغني، و ابن خالته الفنان محمد بورغا، و بالتالي فإن الحسن بيزنكاد هو من التحق بمجموعة "إقبيلن"، و أضاف أن تغيير الإسم كان بالتراضي، بحيث أن أسم "إقبيلن" يعني أسم "إنرزاف"، لهما نفس المعنى، كما ان الفنان الحسن بيزنكاد اقترح هذا الإسم بحكم أنه اخذ تسبيقا ماليا من استوديو المعارف بهذا الإسم، دائما على حد قول الفنان حميد إنرزاف.
يقول الفنان بورغا عبد الله أنه كان مع الفنان الحسن بيزنكاد و الفنان عبد الغني محمد لما التجؤوا الى مجموعة "إقبيلن" ببنسركاو، و قد كان اللقاء في حفلة زفاف، و أشار أن الحسن بيزنكاد هو من التحق بمجموعة "إقبيلن"، و طلب الإنضمام اليهم...
ولما سألت أحد مؤسسي مجموعة "إقبيلن" و هو الفنان عب الله صانيا، كان جوابه أن لقاء التشاور، كان فعلا في حفلة زفاف، و قد اقترح عليهم الفنان الحسن بيزنكاد أن يلتحق بهم من أجل تأسيس مجموعة جديدة باسم "إنرزاف"، كما أن اختيار اسم إنرزاف كان بالإجماع نظرا لشهرة هذا الإسم، و كثرة محبي هذه المجموعة، زد على ذلك أن أشرطتها مازالت تباع في السوق، و أضاف الفنان صانيا عبد الله أن الحسن بيزنكاد كانت له علاقة صداقة مع بوبكر أشطاين قبل التحاقه بهم....صانيا عبد الله له رأي خاص في الحسن بيزنكاد، إذ لا ينكر فضل الرجل على المجموعة في تلك المرحلة من مسيرتها الفنية، فهو الذي ضمن لهم الإشتغال باستمرار ، و كان فنانا يوزع عليهم الأرباح بالتساوي و يعطي لكل دي حق حقه، حتى انه في بعض الأحيان كان لا يترك شيئا لنفسه، و أشار الفنان عبد الله صانيا، أن الحسن بيزنكاد كان يميل أكثر الى الثلاثي بوبكر اشطاين و باطش حسن و عبد الله صانيا و يتشبت بهم و يخاف دائما من أن يتركوه، و قد حاول دائما و خطط من أجل إبعاد هذا الثلاثي من قائدهم حميد إنرزاف، و قد تأتى له هذا في ما بعد، على الأقل في أول الإنشقاق، إلا أن هذا الثلاثي رجع الى بيته الاصلي في ما بعد، و خاصة عندما نال الشريط الأول الذي سجله حميد إنرزاف نجاحا كبيرا، و بالتالي تأسيس ما يسمى لاحقا بمجموعة حميد إنرزاف...
الرايس المهدي أشاين كان من بين المغنيين البارزين في بنسركاو في حقبة التسعينات من القرن الماضي، رغم أن أغانيه لم تعرف رواجا كبيرا، إلا أنه كان متواجد على الساحة الفنية ككاتب كلمات و ملحن، حاول الرايس المهدي أشاين الظهور كفنان متكامل، و كانت أولى تجاربه مع فرقة "تالوزين" ، حيث سجل معها عدة أشرطة، بعد هذا سجل عدة أشرطة باسمه ، حاول عبرها أن يجد له مكانا على الساحة الفنية، و لقيت جل أعماله أستحسانا من قبل جمهوره....
يقول الرايس المهدي أشاين أنه يعرف الفنان حميد إنرزاف منذ بداياته الفنية مع مجموعة "الأحنان" قبل ان تصبح مجموعة "إقبيلن"، و كان يرافقه الى بيته، و لا يبخل عليه بالنصائح و الإرشادات لصقل موهبته ، و أخد يرافقه الى بعض المناسبات، و أضاف انه، قبل التحاق الحسن بيزنكاض بموجموعة "إقبيلن"، قصده هو في الأول، و طلب منه ان يتوسط له عند الفنان #حميد إنرزاف، و قد بارك المهدي اشاين هذا الألتحاق شريط ان يكون مبني على الحب و الوفاء المتبادل، و حتى عند انشقاق مجموعة إنرزاف النسخة الثانية، افصح له الإثنين بعبارة( إقضا الرزق، كون يان أت إعاون ربي)....
أسهب الفنان المهدي أشاين في الحديث عن الفنان حميد إنرزاف، حيث كشف على أنه كان يقدر مجهوداته الفنية سواء في العزف أو الغناء، و ان للفنان حميد إنرزاف نمط يخصه كان إضافة نوعية في مجال الفن الأمازيغي، و عن الأعمال التي اشتهر بها الفنان حميد إنرزاف، كما ذكر لي هذا الأخير اثناء اللقاء به، أن هذا الإبداع، كان ثمرة تعاون بينهما سواء في الألحان أو الكلمات و خاصة في الشريط الأول لدى استوديو المرحوم عمر المعارف" الدنيت أور تدوم"، و عن سبب الخلاف أو الفجوة بين إنرزاف الحسن بيزنكاض و حميد إنرزاف أشار انه لا يعرف الأسباب الحقيقية...
يقول سي مبارك صاحب استوديو عوادفون، أنه السبب في الجمع بين الحسن بيزنكاد و مجموعة حميد بايح رئيس مجموعة إقبيلن، و قد رافق شهادته بسرد واقعة الإنشقاف الذي حصل بين الحسن أسافي و الحسن بيزنكاد داخل الأوستوديو عندما كانوا يسجلون ألبومهم الأخير، حيث وقع خلاف بينهم، فغادر الحسن أسافي و مجموعته و بقي الحسن بيزنكاد وحده، ما دفع سي العربي عوادفون مطالبة حميد بايح و مجموعته إتمام هذا العمل بمعية الرئيس الحسن بيزنكاد، و يعتبر العربي عوادفون نفسه السبب في تأسيس مجموعة إنرزاف النسخة الثانية...

مجموعة إنرزاف النسخة الثانية

انطلقت مجموعة "إنرزاف" النسخة الثانية سنة 1989 بأعضائها السبعة، العزف للفنان حميد بايح على البانجو و على القيثارة عبد الغني محمد ، و الغناء للفنان الحسن بيزنكاد، و الأيقاع لكل من باطش حسن و بوبكر أشطاين و صانيا عبد الله، ليلتحق في الأخير أحد افراد مجموعة "إنرزاف" النسخة الأولى المسمى في حياته المرحوم عبد الله بوجنوي، ، هذه الرواية يؤكدها الفنان حميد إنرزاف و هي رواية خاضعة للمنطق، بحكم أن مجموعة "إقبيلن" موجودة بداتها، و الثلاثي الحسن أيت الجديد و محمد عبد الغني و بورغا عبد المالك، هم من انتقلوا إلى بنسركاو، أما رواية الحسن بيزنكاد كما يشير لها في جميع لقاءاته الصحفية و مع اليوتوبورات، تقول أنه عندما تخلت عنه مجموعته الأصلية، كان في إحدى زياراته لصديقة سعيد العطار ببنسركاو، و اثناء هذه الزيارة، سمع لمجموعة "إقبيلن" تغني في إحدى سهراتها ، و لما سمعها، أعجب بطريقتها في الغناء، ما جعله يلتقي بهم في تلك الليلة و اقترح عليهم أن ينضموا إليه لتأسيس مجموعة جديدة باسم "إنرزاف"، على أي كيف ما كانت الطريقة فالهدف واحد، و هو تأسيس مجموعة جديدة باسم "إنرزاف"، يعتبر الفنان الحسن بيزنكاد أحد أبرز العناصر التي انضمت الى المجموعة ليلعب دورا بارزا و هو الغناء بصوته الدافئ ، و قد تجلى هذا في دعمه لصديقه الفنان حميد بايح العازف على آلة البانجو....
جالت هذه المجموعة في جميع أنحاء المغرب، و أصبح لها صيت منقطع النظير، بزوغ هذه المجموعة الى الوجود، سيعرف خروجا ملحوظا عن هيمنة شروط الإلتزام الفني الذي كان سائدا آنذاك مع مجموعات مثل إزنزارن و أرشاش، هذا الخروج عن النمط، دشنته هذه المجموعة الجديدة، موسوما بشعرية جديدة، تمتزج فيه نوعية المقامات المعزوفة ، مع نصوص شعرية ، أعادت الارتباط بين أغنية الروايس واللبوس الفني الحديث، المتمثل في نظام المجموعات، بنوع من الإقبال المكثف، استمرت هذه المجموعة العتيدة في تسجيل حضور لامع و تحتفظ بجمهور واسع مهووس بحبها....بقيت التشكيلة مكونة من ستة أفراد و هم: 《 حميد إنرزاف كعازف، و الأداء للحسن بيزنكاد، باطش حسن، بوبكر أوشطاين و صانيا عبد الله في الإيقاع و محمد عبد الغني في العزف على القيثارة، الأداء يتداوله الفنانان : حميد في الأغاني الشعبية و الحسن في أغاني تشلحيت...
رغم تلك الخلافات التي تقع داخل المجموعة بين الفينة و الأخرى، إلا أن الناس تجاوبوا معها و قدروا و يقدرون قيمتها الفنية...
شاركت مجموعة إنرزاف النسخة الثانية في سهرات كثيرة و حفلات متفرقة داخل الوطن وخارجه، سجلت المجموعة طيلة المدة التي تفصل سنة 1989 و سنة 1994، أربعة عشر شريطا أوديو و فديويان عبارة عن سهرات، سجلت الأشرطة لكل من 《ناصريفون》، 《صوت المعارف》، 《أسيافون》، 《صوت الأحباب》 و 《عوادفون》، الفديويان سجلا 《لبوسي فيزيون》 و 《وردة فيزيون》....
بعد أن تأسست مجموعة إنرزاف النسخة الثانية، تميز الفنان حميد إنرزاف في هذه الفترة بنشاط كبير، بعد أن إطمأن أكثر فأكثر لكفاءة عناصر المجموعة و موهبتهم ، اتجه الى العمل بالتوازي مع مجموعة من الفنانات و الفنانين الكبار في نمط الروايس، اشتغل في العزف مع : "أمراكشي"، أمكرود"، "أعراب أتيكي"، "عيشة تاشنويت"، المرحوم "حسن أكلوو"، "نعيمة تالبنسيرت"، "الحسين أتبير"، "العربي إححي"، "أخطاب"، "أوتحناوت"، المرحوم "مبارك أيسار"، "العربي أيسار"، "مينة تياعمرانت"، "الحسين أمنتاك"، "عبد اللطيف أزيكي"، "اعراب أتكي"، مجموعة "إمغران عبد الرحمان"، مجموعة "تودرت"، "صالح الدنكرة"، "مينة تباعمرانت"، "تمراكشيت"، "خدوج تاعيالت"، مولاي "احمد إحيحي"، "أحمد أوتغازوت"، مجموعة "أودادن" في الإيقاع و الكورال....
لا يمكن اليوم لأحد أن يحد من الدور الريادي الذي لعبه حميذ إنرزاف في إغناء الأغنية الأمازيغية في جميع ألوانها و أنماطها، خرج الفنان حميد إنرزاف من قلب سوس يختزن طاقات هائلة ، معتمدة بالأساس على الموهبة و المراس و التجارب الشخصية المختلفة.
يتبع......

الجزء الأخير : الأسباب التي عجلت بانشقاق وانفصال مجموعة إنرزاف النسخة الثانية، و تتمة مسار مجموعة حميد إنرزاف الذي استمر الى اليوم....

التعليقات



إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

موقع إموريك للفن الأمازيغي

2022