-->
موقع إموريك للفن الأمازيغي موقع إموريك للفن الأمازيغي

السياق التاريخي لظهور المجموعات الغنائية الأمازيغية العصرية

 السياق التاريخي لظهور المجموعات الغنائية الأمازيغية العصرية

مقتطف من فقرة السياق التاريخي لظهور المجموعات الغنائية الأمازيغية العصرية
مـحـــمـد زنــــي
موقع إموريك | IMorig.com  

أسهمت مجموعة من العوامل في ظهور الأغنية الأمازيغية العصرية، سواء تعلق الأمر بما هو داخلي أو بما هو خارجي، حيث تراكمت هذه العوامل لتعلن في أواخر الستينيات وبداية السبعينيات عن ميلاد نمط موسيقي جديد.
العوامل الداخلية
لعل أبرز العوامل الداخلية تكمن في ماخلفه الاستعمار بعد 44 سنة من الحماية الفرنسية. إذ تكسرت البنية التقليدية للمجتمع المغربي، وظهرت المدن الكبرى والهوامش ما أدى إلى الهجرة القروية نحو هوامش المدن، الأمر الذي أفرز دور الصفيح، والأحياء الشعبية، وما تعرفه من ظواهر اجتماعية مختلفة كالفقر، والتهميش، والحرمان، ما أدى بسكان الهوامش إلى البحث عن طرائق تعبيرية لاستنكار واقعهم المعاش. كما لا نسى تجليات اندثار فن الروايس وعدم قدرتهم على تلبية الحس الفني للشباب، هذا الأخير الذي وجه وجهه صوب الأغنية الغربية والأغنية المشرقية، ما يهدد الفن الأمازيغي عموما، والسوسي بصفة خاصة. ليجد الشباب نفسَه بين الإرث الفني التقليدي، والموجة الحداثية القادمة من الغرب، فصار ينخرط في أجواق فنية دون إدراك منه بنتائج ممارساته، ومن دون أهداف تذكر.
العوامل الخارجية 
بالإضافة إلى تلك العوامل التي تطرقنا إليها، هناك عواملُ أو تأثيرات خارجية أسهمت بشكل أو بآخر في ظهور ما يعرف الآن بالأغنية الأمازيغية العصرية، ولعل أبرز تلك التأثيرات اكتساح ظاهرة الهيبيزم لمنطقة سوس؛ حيث كانت منطقة تغازوت السياحية تجلب أفواجا هامة من الأجانب، ومن جنسيات مختلفة بتسريحات شعرهم وهندامهم، وكذا تعاطيهم لمادة الكيف، والمخدرات بشكل عام، ومن حين إلى آخر، يتسللون إلى منطقة إنزكَان المشهورة بسوقها الأسبوعي (ثلاثاء إنزكَان)، ما أدى بالشباب إلى تقليدهم تقليدا كليا لتلك المظاهر التي يتسم بها الهيبيزميون، هؤلاء الذين لا تفارقهم القيتارة؛ حيث صرح مصطفى الشاطر أن في أواسط الستينيات نستأنس بأدائهم مقاطع غربية وصرنا منبهرين بهم، وتملكنا رغبة جامحة في تقليدهم.
ما أدى إلى تحرر الشباب من قيود الأغنية الكلاسيكية (الروايس) من حيث الشكل والآلات؛ إد تمردوا على المقدسات التلاث للأغنية الأمازيغية (الرباب – لوتار- الناقوس). وعوضوها بآلات حديثة قادمة إليهم من الغرب وبالضبط أوربا. ما أثار حفيظة المجتمع المحلي، هذا الأخير الذي ينعت شبابه بـإهداوين، إذ صارت تسريحات شعرهم، ولباسهم، وكذا طريقتهم الفنية تخالف المعتاد، بالإضافة إلى ظاهرة الهبيزم، أدت سينما كوليزي دورا رياديا في بروز هذا النمط؛ حيث كانت القبلة الأولى لشباب الهامش (هامش أكَادير)، وما تقدمه من أفلام هندية الغنية بالتلاحين حتى صارت هذه التلاحين تملك حصة الأسد في أغاني المجموعات لاقدام تيتار إزنزارن، وقد صرح عبد العزيز الشامخ في برنامج "تازنزارت الحقيقة المغيبة" بأنهم يستغرقون في سينما كوليزي من الوقت أكثر مما يستغرقوه في بيوتهم، وتحدى شباب عصره إن كان هناك أي شخص لم يعرف وينبهر بنجوم السينما الهندية في زمانهم.
من خلال ما سبق، نستنتج أن ثمة عوامل عديدة تنقسم إلى ما هو داخلي وإلى ما هو خارجي أثرت بشكل أو بآخر على شباب المناطق المجاورة لأكَادير، ما أفرز نمطا غنائيا جديدا، مخالفا للإرث الفني الشعبي، هذا النمط الذي يعرف الآن بظاهرة أو مدرسة تازنزارت.

التعليقات



إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

موقع إموريك للفن الأمازيغي

2022