ما لا تعرفه عن مجموعة أودادن | الجزء الثاني
بقلم الاستاذ الحسين امكوي
تعتبر
مجموعة أودادن باب أسرار الأسرار أنا أكتب هذه القصة من الذاكرة و قد حرصت
على أن لا أُسجل أي شيء أثناء مقابلتي أفراد المجموعة ومحبيها من الذين
اجتمعت بهم لساعات. لقد أردت ان أعيش قصة هذه السهرة وهذا العرس
الأمازيغي. أصر أحد أقرب أصدقاء هذه المجموعة على القول بأنها سهرة لا
تصدق. إنها في الحقيقة مجموعة من المشاهد والفصول على لسان رواتها :
الفنان جمومخ محمد الفنان الحسن أشاور الفنان أحمد الفوا الفنان
البياز محمد قلت أن هذه المشاهد و الفصول لا يجمع بينها إلا بطل
واحد مجموعة أودادن.
كانت
التلفزة لمغربية تعرض مرة في الاسبوع أحد البرامج الناجحة جماهريا برنامج
سهرة الأقاليم هو الذي أعطى للميدان الفني أسماء وأصواتا و وجوها جديدة
سرعان ما تبوأت المكانة الفنية التي تستحقها. لذلك قررت مجموعة أودادن
التوجه الى مدينة تزنيت للمشاركة بدورها في سهرة الأقاليم تحت إشراف بلدية
تزنيت و التلفزة المغربية. ومن بين المشاركين في السهرة : عبد الوهاب
الدكالي في أغنيته الشهيرة حبيب الجماهير .تحيحيت مزين ومجموعتها أحواش إفني الذي ستأديه مجموعة من فتيات إفني وفنانون
آخرون. كلطيفة رأفت السهرة ستداع مباشرة.
في
ذلك اليوم الموعود من سنة 1986 ستمتلأ ساحة المسرح من كافة المناطق
المغربية لتشجيع المشاركين و بالتحديد كافة المناطق الأمازيغية لتشجيع
مجموعة أودادن التي تناسلت أخبار حظورها بينهم بعد أن سبق واستمعوا
لشريطها الأول الذي سجل سبقا من خلال المبيعات. سيبدأ
المصور في تصويره السهرة و كعادته بدأ يحوم حول المجموعة و الجمهور لكي
يُصور السهرة من جميع الزوايا. وبدون شعور اختلس النظر عبر عدسته نحو خيمة
مجموعة إفني التي تنتظر دورها. كانت الفتيات يرقصن على أنغام مجموعة
أودادن...كُنّ ينتظرن دورهن للمرور فوق المنصة. لاحظ المخرج ذلك المنظر
فطلب على التو من منظم السهرة أن يدعو تلك الفتيات لكي يرقصن أمام
المجموعة. تحيحيت مزين و مجموعتها لم يتمالكن أنفسهن فبدأن
يرقصن دا العربي الرجل الذي كان يعد الشاي بجانب المجموعة. وجوده بجانب
المجموعة فقط كديكور. هو أيضا لم يتمالك أحاسيسه ليبدأ الرقص على أنغام
المجموعة بطريقة جميلة ولما حاول رجال الأمن توقيفه تدخل المخرج.
غرد
الفنان عبد الله الفوا كعادته بصوته الجميل والمعبر الذي حرك الوجدان
والأحاسيس الجياشة وأبدع كعادته في مجريات الحفل. كان لفتيات مجموعة
إفني الفنية وقفة قوية على الخشبة في عرضهن. وكانت طلتهن البهية تنعش جو
السهرة بأسلوبهن الراقي. الرقص الأمازيغي الأصيل و الرائع. لم يكن
هذا كله مبرمجا. مجموعة أودادن جاءت لتزنيت فقط لِتَزُورَ كما تقول في
أحد اغانيها & نوشكاد أنزور NOCHKAD ANZOR. كان من المفروض أن
تمر مجموعة أودادن ثم تليها تحيحيت أودادن قرر أن يصنع لوحة جميلة و
متكاملة. ما دام الكل يرقص. قلت فضل المخرج ان يشارك الجميع مجموعة
أودادن في عرضها. لا أخفي عليكم كانت سهرة من أروع السهرات الأمازيغية ومن
أفضل ما نضم الى حد الآن. قدمت مجموعة أودادن عرضها الرائع في طبق من
ذهب تفاعل معه الجمهور بحرارة كبيرة.اشتعلت نيران الفرحة والبهجة
والرقص بدون انقطاع. الحب والمودة في أعين الحضور الذي تفاعل وبجنون في
عمل طالما انتظروه.
توالت أغاني مجموعة أودادن :
كات اسلامنو دو ئكالن سؤغارسي
Kat aslamino do ikaln sogharas
مايي تريت ماداك اكما كيكي إلان
Mayitri madak agmwa guigui ilan
أمزتيي ادور درح.....
Amzateyi adorder7
قلت
توالت هذه الأغاني فأثارت أحاسيسا راكدة في دواخل معظم الحاضرين.
اليوم وبكل تأكيد تبقى هذه الذكريات موشومة في الذاكرة. الذاكرة المشتركة
لكل الذين ولدوا في المخاض نفسه مع هذه المجموعة الهرم. أنا منهم كانت
أياما خالدة لا تنسى حفل
أبدع فيه جميع أفراد مجموعة اودادن.العزف...الإيقاع....الاداء...الرقص... انخرطوا كلهم في موجة من الغناء
والرقص والتعبير الروحي والجسدي بالرؤية الأمازيغية المشرفة. وفي جو من المرح لم يكد الجمهور الحاضر يسترجع أنفاسه حتى تقدم المايسترو
المرحوم حسن أعطو الى الأمام و بطريقة الغازفين الكبار ليقوم ببعض الرقصات
الفنية وهو يعزف باحترافية النجوم صحبة الإيقاعي أمهال العربي في النقر على
لْقْرَاقْبْ او أُوزَّالْنْ.وفي هذا الجو البهيج يغير الفنان الكبير
احمد الفوا البندير بآلة أكوال ليعطي إيقاعا جديدا هو و الفنان الكبير
محمد جمومخ الذي أبلى بلاء حسن على آلة الطامطام. تصفيقات حارة تشهد
للجميع برحلة أُودِادِيَّة طويلة.هذا كله أمام أعين الفنان والقائد
صاحب الحنجرة الذهبيةالفنان عبد الله الفوا.
يقول
الفنان عبد الله الفوا في مطلع أُغنيته ربي أيكَان الجيد نتا أيكان الخير
Rbbi aygan ljid nta ayakan lkhir .نعم الخير آت من الله لا محالة بوادر النجومية ظاهرة في الأفق....أفق مشرق بدون شك. بدأ
هؤلاء الشباب كمجموعة فنية من هنا
جاء اسم المجموعة في بدياتها أدجارن مجموعة الجيران. بدأت المجموعة
منذ سنة 1976 و لم تسجل ألبومها الأول إلا سنة 1985. تسع سنوات من العمل
الفني.. تسع سنوات من الإبداع.تسع سنوات من العمل في الأعراس و الحفلات
الخاصة300 cassetes مسجلة في الأعراس من طرف بائعي الأسطوانات. أكبر
عملية piratage في ذلك الوقت 300 cassetes منتشرة في مدينة إنزكان
يتهافت عليها المحبون و عشاق المجموعة.يقول أحد الباعة من الذين عاشوا هذه
الظاهرة أن كاسيتاتهم تباع كما يباع الخبز الساخن في ليالي الشتاء
الباردة.
نعم
النجاح هو مطلب كل شخص وهو الهدف الأسمى الذي يسعى الجميع اليه.....هذا هو
النجاح بعين، لأنه يعطي معنى للحياة ويدفعه أن يكون إنسانا متفوقا وأن
لا يكون حدثا عابرا. مجموعة أودادن ليست حدثا عاديا او عابرا. هذه
السهرة الناجحة ستكون بدون شك الحافز الأساسي لتحقيق المزيد من
الانجازات. وقد شهد هذا العرس الأمازيغي الكبير حضور قوي ومكثف من
الجمهور. ليسجل التاريخ أن مدينة تزنيت تعتبر مند ذلك الوقت أحد المعاقل
الحصينة لمجموعة أودادن. من
منا يظن أن هؤلاء الشباب الامازيغي حتى النخاع و الاصيل سيغزو العالم بفنه
الراقي. من البرازيل الى جزيرة سرواك في ماليزيا من جزيرة زانجبار في
تانزانيا الى مالي.من الولايات المتحدة الى اسبانيا. من تونس و
الجزائر الى بلجيكا و هولاندا و فرنسا واللائحة طويلة.
ربما
يتسائل القارئ من هو إعلام مجموعة أودادن؟؟ كيف وصل فنها و إبداعها الى
هذه الدول؟؟ الجواب بسيط جدا لكن دو دلالات مهمة.إعلام مجموعة
أودادن بكل بساطة هو الجمهور. جمهورها الوفي كان سفيرها في كل مكان الغوص
و الحديث على مجموعة أودادن حديث دو شجون.