مذكرات الفنان المطرب احمد أبعمران - الحلقة 3
المطرب احمد ابعمران
لم
يمر وقت طويل حين استدعانا، مبارك وكيل وأنا، صاحبُ شركة مازغيفون، وهو
ابن إفران أطلس الصغير، من دوار تنكرت تحديدا، تشجيعا منه لمواهب المنطقة.
وقد سجلنا شريطا موسيقيا يتضمن أربع أغان لأربعة فنانين من إفران؛ أنا،
وكيل، المحفوظ زنيور، الحسين أﮔ'يلال، وهذان الأخيران يعملان حاليا في مجال
أحواش (الدرست). سمينا تلك التجربة بـ"نجوم إفران"، غنى كل واحد أغنيته
بطريقته الخاصة، وكانت تجربة ناجحة بكل المعايير، وعبر لنا الناس عن
إعجابهم بالأغاني، وكان عمري يبلغ 21 سنة على وجه التحديد [عدد من الذين
علّقوا على نصوص "ذكرياتي في الفن والحياة" تذكروا أغنية "ءالّيعاون
ءاياجّيـﮕ ءيفولكين"، وقد حرك فيّ تعليقهم شجونا كثيرة ومحبة عميقة].
غير أننا كنّا في حاجة إلى جنود الخفاء في التسجيل، ولذلك تعرفنا على الرايس الحسين أمراكشي الذي تولى العزف على آلة الرباب، وقد ظهر الرايس الحسين في ذلك الوقت في ما سمّاه بـ"إخوان ءيرسموكن"، وكان قد سجل، قبل لقائنا به بقليل، ألبومه الأول وطبقت شهرته الآفاق، وفي تلك الفترة بالذات تعرفت عليه.
غير أننا كنّا في حاجة إلى جنود الخفاء في التسجيل، ولذلك تعرفنا على الرايس الحسين أمراكشي الذي تولى العزف على آلة الرباب، وقد ظهر الرايس الحسين في ذلك الوقت في ما سمّاه بـ"إخوان ءيرسموكن"، وكان قد سجل، قبل لقائنا به بقليل، ألبومه الأول وطبقت شهرته الآفاق، وفي تلك الفترة بالذات تعرفت عليه.
وحتى
لا أنسى فضل الذين أسهموا في إنجاز شريط نجوم إفران أذكر أخ الحسين
أمراكشي (عبد المجيد) الذي تولى آلة الهجوج، ولحسن أبلدي الذي تولى الإيقاع
والكورال، وتازنبوحت وتالجوهرت في الكورال. حين أنهينا تسجيل شريط "نجوم إفران" قال لي الرايس الحسين أمراكشي: "سي أحمد، منزلي مفتوح في وجهك كلما جئت إلى أكادير".
لم
تمر سوى أشهر حين ألحّ عليّ صديق العمر وهبي عمر أن أسجل شريطا جديدا. لقد
لعب سي عمر الدور نفسه الذي لعبه أحمد دبزا في الشريط الأول. وقد أثر
إلحاحُه في تفكيري، فغادرت القرية إلى مدينة أكادير، وقد استقبلني في منزله
إلى أن عثرت على عمل واكتريت منزلا. تواصلت بعد ذلك بأيام مع الرايس
الحسين أمراكشي، وأتذكر أني كنت رفقة الحسين أﮔِـىُيلال حين التقيناه أمام
محلّ "صوت أفولكي ديسك"، وأجبرنا على الذهاب معه إلى منزله. وقد عدت إلى
منزله في وقت لاحق، بعد يومين تقريبا. أخذ آلة تسجيل كبيرة (Multipiste)
استعملناها في تسجيل الأغاني التي كنت قد أعددتها. لقد قضيت مع الحسين يوما
وليلة توضحت فيها معالم شخصيته. وهنا أود أن أشير إلى أن حسن أرسموك قد
سبق الحسين أمراكشي إلى الشهرة. وكان الرايس الحسين يعزف على الرباب في
فرقة أرسموك مثل غيره من العازفين على الآلات الأخرى. وحين واتته الفرصة
استغلها، وعرف بحق الإهمال الذي يمكن أن يطال فنانا حقيقيا، لذلك تجده لا
يتردد في مساعدة أي فنان واعد يشم فيه رائحة الشهرة في المستقبل. وقد فعل
معي هذا واستقبلني في منزله بحفاوة شديدة. إن هذا الرجل يحب مساعدة الناس.
والفنان الأمازيغي عموما أشد الناس تواضعا، وأكثرهم كرما.
لقد تعلمت طوال حياتي أن أحني رأسي، وأن أحب الناس، وأن أكرمهم إن كنت
أملك ما أكرم به. لقد تعلمت ذلك من الروايس، ومنهم تعلمت أن الغصن مهما علا
في السماء لابد أن ينحني في يوم ما. ألم يرفع الفن الرايس أحمد أمنتاك إلى
عرش الشهرة، وأصبح وحيدا في آخر حياته يحتاج إلى إكرام الناس؟ هذه
النهايات ليس من المستبعد أن تكون نهاية أي فنان أمازيغي مهما علا شأنه،
وأظن أن الرايس الحسين كان واعيا بذلك منذ بداية مشوراه، ولا أتذكر أن
زائرا من زواره في زمن المجد خرج من منزله خاوي الوفاض. لهذا أقول إن
طبيعتي في الحياة والفن استلهمتها من احتكاكي المباشر بالروايس، وكان سي
الحسين من الروايس الأوائل الذين احتككت بهم.
(مشاركتكم
إخوتي لهذه النصوص مساهمة منكم في إلقاء الضوء على جانب من جوانب تاريخ
الموسيقى الأمازيغي، على الأقل من خلال نظرتي الخاصة، وتشجيع لي على
المواصلة)