-->
موقع إموريك للفن الأمازيغي موقع إموريك للفن الأمازيغي

مجموعة إزماون.. عندما لا نملك المعلومات groupe izmawn

مجموعة إزماون... عندما لا نملك المعلومات groupe izmawn

مجموعة إزماون... عندما لا نملك المعلومات groupe izmawn

اعداد الحسين امكيوي
الذاكرة مهما كانت قوية فإنها أشبه بالغربال و الظروف مثل الفصول تتقلب و تتفاوت كثيرا و لذلك لا يستطيع الانسان التوفيق بين ما يريده و ما يقدر عليه. إن الإنسان و هو يعثر على نفسه في الآخرين و يحدد ما هو قوي و مشترك بينه و بينهم يتحول الى طفل كبير.
اليوم سنسافر معا لسبر أغوار مسار فني لطفل كبير هو الفنان العربي بوجبارة دينامو مجموعة إزماون كما يحب أن يسميه البعض. إكرزامن الذين يسكنون العرين. ولد العربي بوجبارة سنة 1956 بمدينة تيزنيت زنقة بوييغد إداكفا و بعد التحاقه بالمدرسة الابتدائية تأثر بجميع الالوان الموسيقية الموجودة في ذلك الوقت ويقال أنه قد نقل حلاوة الصوت عن والدته.  توفي والده سنة 1962 و تزوجت والدته مرة أخرى و سافر معها الى مدينة أكادير. وجد العربي بوجبارة صعوبة كبيرة في حياته الجديدة بأكادير و خاصة عدم تأقلمه مع مخلفات الزلزال الذي ضرب المدينة ليقرر بمباركة والدته أن يصطحب جدته الى مدينة تزنيت مسقط رأسه و العودة الى حياة البادية : تبحيرت. السور الكبير.. تركَا. جو الحلقة. دندنات جدته و أذكارها الدينية..  كل هذه الأشياء و أشياء أخرى كان لها دور كبير في حياة هذا الصبي العصامي. تلك الإحاطة الشاملة بالفن كان حصاد رحلته من تزنيت الى أكادير.
ذهب الفنان العربي بوجبارة إذا الى مدينة تزنيت ليلتحق بالتعليم الإبتدائي و كانت ترعاه جدته آنذاك و تأثرا كثيرا بدندناتها في الببت و في الحقل لتبدأ محاولاته الأولى لاستغلال موهبته الفنية و وضعها في المحك بهدف اضافة شيء فني جديد غير معتاد. يقول الفنان العربي بوجبارة أن ميولاته للغناء بدأت منذ كان طفلا بالبادية يصنع من كل ما تصادفه يداه آلة للإيقاع تأثر كثيرا و هو تلميذ بالأنشطة المدرسية و خاصة الموسيقية منها كالأناشيد و ساعده صوته الرخيم المتدفق بالجمال.
لم يمكث ضيفنا في تزنيت كثيرا حين وصل سن العشر سنوات أخده الحنين و الشوق الى والدته بشارع السينما السلام باتجاه المحكمة أو ما يعرف بمارشي الدروج و تابع دراسته الإبتدائية بسكيلا الكداري أو مدرسة الشيخ السعدي حاليا سنة 1967.  في سنة 1968 ستنتقل الأسرة الى تلبرجت التي عرفت آنذاك عملية توزيع المنازل على المنكوبين و لظروف أخرى قاهرة اضطرت العائلة للانتقال مرة أخرى الى حي إحشاش و كان ذلك سنة 1969. وكأن القدر لم يكتف بأن يفقد العربي بوجبارة والده و هو صبي بل لم يكن رحيما به حتى ليعيش جوا صعبا و غير مستقر.

 البدايات

يحكي الفنان العربي بوجبارة انه لما كان تلميذا بإعدادية ولي العهد بأكادير كانت له و لأقرانه اهتمامات بالأنشطة المدرسية من مسابقات رياضية و ثقافية و موسيقيةو لدى عودته الى أكادير يضيف أن الأغنية الأمازيغية انطلقت في بدايتها مواكبة لتواجد بعض العادات و أهازيج ثراتية كهداوة و إسمكان و إعيساوين المصحوبة بالناي و الدف و الدعدوع. وفي أكادير و بالضبط وراء ما كان يسمى سابقا الملعب البلدي بساحة بيجوان، احتضن مركز التخييم بهذه الغابة مُخيما ضم مجموعة من المَكفوفين وضِعافِ البصر، بمبادرة من مؤسسةِ العمل الاجتماعي التابعةِ لمنظمة محمد الخامس لرعاية المكفوفين واستفاد فناننا العربي بوجبارة كمصاحب و مساعد في هذا المخيم من عددٍ من الأنشطة الترفيهية والتكوينية والرياضية و الموسيقية التي تروم الى إدماجَ هذه الشريحة في المجتمع.
حدثنا ضيفنا كذلك و بإسهاب عن تأثره الكبير بالفنون الأمازيغية السوسية المعروفة قبل مجيء المجموعات كفن الروايس العتيد و خاصة الرايس محمد ابعمران و فن أحواش و ايسمكان و إعيساوين و إهداوين و إمعشارن و فنون هوارة و اعرابن ايت مزال و بسبب ما عرفته المنطقة من توافد أنماط غنائية أخرى من قبيل فن الكدرة و الفنون الشعبية الحسانية ثم العيطة و غيرها جلبها توافد السكان الجدد على عاصمة سوس اكادير و ضواحيها و خاصة تزنيت التي قضى بها ضيفنا بداياته الفنية.
لا يخفى على الجميع اليوم ان البلاد عاشت مع بداية السبعينات حالة تبلور و ولادة تجربة غنائية شبابية ساعدت بعض التحولات الدولية و المحلية و بالضبط كما يقول ضيفنا سنة 1971 تعد الانطلاقة الفعلية للمجموعات الغنائية بالمغرب ووسط هذا الزخم الفني الذي شهده هذا الحي شهد بروز مجموعة تسمى أيت الهنا سنة 1972 و تتكوم من: العربي بوجبارة بوجمعة بنزامو حسن الدويبي عبد الرحيم صبري احمد المنيري
بقيت هذه التشكيلة لمدة قصيرة فقط لأن تباعد الرؤى و التوجهات بين افراد هذه المجموعة عجل بانشقاق ثلاثة افراد منها و التفكير في تأسيس مجموعة أخرى هذا الثلاثي هو: لعربي بوجبارة وحسن الدويبي وبوجمع بنزامو الفنان الذي ينحدر من عائلة معروفة في إحشاش في مجال فن إسمكان و عنها ورث الفن.
ارتبطت حياة العربي بوجبارة بالموسيقى ارتباطا وثيقا و هو يحدثنا في مجموعة تازوري عن المؤثرات المختلفة التي غرست في قلبه عشق فن الغناء منذ كان صبيا في مدينة تزنيت. قبل أن نشد الرحال مع مجموعتنا فلا بأس من الحديث عن الجو العام الذي افرز تأسيسها و الذي انطلق أساسا من توحد الرؤى و الاهداف بين كل من بوجبارة العربي بوجمعة بنزامو حسن الدويبي. و من عمق حي احشاش العتيد أخد الحماس الشديد هذا الثلاثي كانوا كلهم حيوية و اكثر ما تميز به هذا الثلاثي هو الذكاء و المصداقية. انصهروا و بداوا يتدربون مع البحت على اسم جديد ليهتدي الجميع في آخر المطاف الى اسم موحد مشترك تجلى في إزماون.
جمع القدر هؤلاء الشباب في مدرسة الحياة في حيهم إحشاش، وفيها نبتت صداقتهم وأينعت مواهبهم الموسيقية إلى أن قرروا تأسيس فرقة غنائية أمازيغية، وهاهم اليوم يعتلون المسارح ليعزفوا على أوتار الأمل موسيقى تنبض بحب الحياة وأغاني صداقة متفردة لم تزدها التعثرات إلا صلابة وقوة وتماسكا.
يتذكر الفنان العربي بوجبارة انه في بداية السبعينات و تحديدا سنة 1973 إبان تشكيل مجموعة إزماون جمعته صداقة فنية برجل اسمه الشادلي مبارك كان يزور أحد جيرانه يشتغل سبابا و يهوى نظم الشعر و هو بالمناسبة من نظم ابيات أغنية تايري د المجال التي لحنتها المجموعة لتصبح إحدى روائع الأغاني الخالدة في ربيرطوار مجموعة إزماون.
شكلت اواخر 1973 تحولا كبيرا في مسار المجموعة المكونة آنذاك من ثلاثة افراد...قلت انه منذ هذه السنة قررت مجموعة ازماون السير قدما و التغيير من استراتيجيتها بدرجة كبيرة فعلى مستوى الافراد سيتم ضم عناصر جديدة من نفس المدرسة اد التحق بها بوشتى ازنير..  هشوم عبد الرحيم علي الخضري صاحب الصوت الكراف. بعد مرحلة التأسيس الناجحة و التعريف بفنها و نمطها على الصعيد المحلي بجهود لا تكل جاءت مرحلة التسجيل و التركيز على الإبداع التفتت المجموعة الى المشاركة في مجموعة من السهرات المتفرقة هنا و هناك فابتدأت بالحفلات السنوية و الأعراس و الحفلات الخاصة.
 أول ألبوم
بعد تهييء جميع الظروف الاولية قبل مرحلة التسجيل حيث اصبحت القطع كاملة بجميع التحسينات بعد مرحلة من التداريب سواء في بيت الفنان العربي بوجبرة أو ببيت
الشاطر حارس مرمى فريق اتحاد انزكان كان آنذاك يسكن معهم في الحي قررت المجموعة تسجيل ألبومها الجديد و كانت القبلة في الأول الاداعة الجهوية باكادير التي تعتبر تجربة ناجحة مع المنشط عبد الله نظيف المعروف بعمي موسى الذي شجعهم أكثر و ثمن تجربتهم فارتأت المجموعة إضافة بعض العناصر للمجموعة يقول الفنان العربي بوجبارة أنه قام باستقدام الفنان بوشتى أزنير الذي راكم تجاريب عديدة في الميدان ثم الفنان هشوم عبد الرحيم ثم علي الخضري في الكورال بصوته المتميز و الكراف. تحدث لنا ضيفنا في هذا المقام بالدور الكبير و المساعدة الكبيرة التي قدمها لهم المرحوم هشوم الحسين الأخ الأكبر للفنان هشوم عبد الرحيم الذي خصص لهم غرفة خاصة في بيته و جهزها لهم بكل مستلزمات الراحة يستغلونها لتداريبهم دون اللجوء كل مرة الى التنقل بين البيوت.
انطلقوا الى الدار البيضاء لتسجيل أول البوم لهم و نزلوا في بيت احد اساتذة عبد الرحيم هشوم في الغرفة التجارية و بالمناسبة أحيوا هناك حفلة زفاف بالمدينة القديمة و بالضبط عين برجة يقول الفنان العربي بوجبارة ان الشريط كان رائعا و عرف وقتذاك رواجا و انتشارا خاصة بمدينة اكادير و النواحي.
تم التعاقد مع احد المنتجين بالدار البيضاء و تمت عملية التسجيل عند استوديو تيشكافون كان طموح المجموعة و أملها كبيرا في ان يمكنها شريطها الأول موقعا محترما داخل الساحة الفنية و خاصة انها تنوي تقديم المزيد من الفن الهادف و الملتزم و الذي يحمل رسالة انسانية اجتماعية عميقة.
تعتبر مجموعة ازماون منذ تأسيسها باحشاش و الى الوقت الراهن المجموعة الوحيدة التي صامدت و ناضلت من أجل البقاء أولا ثم ثانية من اجل الرفع من قيمة النمط الذي اختارته . منذ بزوغ هذه المجموعة و هي تشتغل بجدية بعيدا عن الاضواء الزائفة
مباشرة بعد رجوع المجموعة الى مدينة أكادير كثفت تداريبها فانتقلت الى شاطئ 25 للاستجمام و الترويج عن النفس و في نفس الوقت تكثيف التداريب إلا ان الرياح تجري بما لا تشتهي السفن كما يقولون. استدعي الفنان هشوم من طرف أخوه الكبير من اجل العمل و انتقل الفنان العربي بوجبارة الى طنجة من اجل العمل مع شركة لبناء السدود.. توقفت مسيرة المجموعة بسبب انشعال بعض افرادها بعملهم و احس كل واحد منهم ان له تبعات و مسؤوليات و لم يعد أحد منهم متفرغا للموسيقى توقفت المجموعة لمدة سنتين على اثر هذه المتغيرات لكن هاجس التسجيل لم يكن يبرح الفنان العربي بوجبارة.
سنة 1985 ستعرف المجموعة رجوع حسن الدويبي و التحاق الفنان أحمد النجام الذي وفر لهم مقرا جديدا للتداريب بمنزله لإعداد الجديد ... عادت المجموعة الى عهدها القديم بعزم و مثابرة فقرروا تسجيل ألبومهم الثاني ليكن فاتحة خير على رجوعهم مرة ثاني الى العرين....كانت الوجهة في الأول صوت المعارف الا أن بعض العراقيل حالت دون انجاز هذا العمل مع صوت المعارف....الوجهة الثانية صوت مغيث ليزامكال التي كللت بالنجاح و لكنه كما تعرفون ما هو إلا نصف النجاح حيت يتبع هذا العمل مشكل التسويق و التوزيع ليقرر السيد أفرصاد احمد رئيس المجموعة و بوشتى ازنير التوجه نحو مدينة الدار البيضاء .
التقوا هناك بالفنان مولاي علي من مجموعة أرشاش فتحدثا له عن مجموعة ازماون و عرضا عليه شريطهم المسجل عند صوت مغيث الذي يتكون من اربعة أغاني و طلبوا منه ان يساعدهم في تسويقه و توزيعه بعد ذلك طلب منهم هذا الاخير الاستماع الى الشريط فنصحهم بإعادة تسجيله بحجة ان تسجيل الدار البيضاء غير تسجيل أكادير فقبلوا النصيحة و نزلوا الى اكادير للتدريب اكثر و بعد ان تم تلحين القطع الأربعة حزموا خقائبهم و توجهوا نحو الدار البيضاء للتسجيل. ساعدهم مولاي ابراهيم اسكران على ألة الهجوج مباشرة و في الأخير تم الاتصال بوحمان و عرض عليه مولاي علي ذلك العمل فتحدثوا عن الجانب المالي و الفني فعبر لهم وحمان عن اعجابه بالعمل و عن رغبته في انجازه معهم و وعدهم ان عملهم سينزل الى الاسواق في الأيام القليلة القادمة...و بالفعل تسلم منهم النسخة الاصلية مع الأفيشات الاشهارية فنالت القبول لديه و سلمهم الثمن المتفق عليه إلا أن هذا العمل لم ينزل الى الاسواق الى حد كتابة هذا البحث بعد هذا كله و أشياء أخرى كانت هناك شكوك على ان المجموعة ربما تعرضت لمؤامرة مدبرة جعلت المجموعة تتوقف اضطراريا على اثرها....بسبب هذا الإحباط المرير اختفت المجموعة عن الأنظار كلية و ابتعدت عن الساحة الفنية السوسية لمدة طويلة
و هكذا يتضح لنا من خلال هذا السرد و لحد هذه السطور أن هذه المجموعة التاريخية لم يساعدها حظها العاثر على البروز بشكل اوسع ربما لكون اسمها يخيف في الميدان الفني على حد قول الفنان العربي بوجبارة.

سهرة خالدة

يقول الفنان العربي بوجبارة ان السهرة الخالدة و الرائعة هي التي شهدها الهواء الطلق بمشاركة مجموعة ازنزارن بحيث ظهرت فيها المجموعة بكامل نضجها و قد كان مستواها عالي من الدقة...أخذ ضيفنا نفسا عميقا و هو يروي لنا حوارا دار بينه و بين المنشط الاداعي محمد ولكاش حول الجو الذي مرت به السهرة الكبيرة و لكن تواضع الفنان بوجبارة العربي دفع محمد ولكاش ان يزف له نجاح مجموعة ازماون الى درجة كبيرة في استمالة الجمهور و السماع الى اغانيها و تشجيعها طيلة مكوت افرادها على خشبة المسرح.. تعتبر مجموعة إزماون أول من أسس لهذا النمط من الفن الذي لم يستنسخ من انماط غنائية مغايرة بقدر ما كان منتوجا ابداعيا سوسيا خالصا جاء وفقا لارادة هؤلاء الشباب في خلق نمطهم الغنائي الحضري الامازيغي.

التعليقات



إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

موقع إموريك للفن الأمازيغي

2022