مسارات مجموعة أودادن العالمية | الجزء الأول
إعداد الاستاذ الحسين أمكوي
أجل في سنة 1985 ستكون هناك رؤية جديدة لسبك آخر للذوق لصقلِ الذائقة. كان التجديد ضروري في المجال. فمجموعة أودادن لم تكن حركة سياسية، وإلا كانت أكبر حزب مغربي من حيث عدد المنخرطين والمحبين والمعجبين و لكن كان لهذه الشهرة ثمن معانات إكراهات واستغفال واستغلال ثم ردود فعل قوية و توتّروعنف من أنصار التقليد و التقليدانية.
بدأت المجموعة تشق طريقها نحو النجومية. تتدرب على أغانيها البسيطة التي تعتمد على الرقص و الإيقاع السريع. سنوات و هي تكتفي فقط بالحفلات الخاصة و الأعراس و المناسبات العائلية المتفرقة و كانت تمارس آنذاك ما يسمى ب الهْضْرة الذكورية. نمط جديد على الساحة الفنية يتميز بإيقاع سريع. كانت أنشطة المجموعة في بدايتها أمسيات غنائية وحفلات خاصة بدواوير كثيرة نواحي أكادير و انزكان، كما كانت تداوم على زيارة بعض الاضرحة الموجودة بالمنطقة و خاصة الوالي الصالح سيدي احمد أومحند ب تلضي ولا يتوانون عن شراء الأضحيات تقربا من بعض الاولياء الصالحين فيما يسمى ب المعروف الذي كان ينظم موسميا على حد قول الفنان بن الشيخ.
كان أفراد المجموعة يؤمنون بالبركة في العمل و التصدق على الفقراء في ما يسمى بالروحانية التي تجدها المجموعة في زيارة الأضرحة و المدارس العتيقة فهو نوع من التخفيف من الضغوطات النفسية و العصبية و التحصين من السحر والسحرة والتقرب من اولياء الله و فقهاء علم من أجل البركة و التسخير. عندما اكتشف أعضاء المجموعة التجاوب الكبير الذي أبداه جمهور عريض في بنسركاو و نواحيه، مع الأغاني التي تؤديها المجموعة واكتساحها الأسواق و خاصة سوق الثلاثاء بانزكان، وبعد طول المراس، قررت المجموعة أن تعتمد على نفسها و البحث عن آفاق جديدة.
السيد الحاج محمد بن الشيخ هو احد أبناء أكادير و من المؤسسين الرئيسيين لمجموعة تاوادا وتيتار انه من دوي السمعة الحسنة على صعيد أكادير بدأ مشواره الفني مبكرا مع مجموعة تاوادا و كان بن الشيخ من بين الأصوات الجميلة عل الإطلاق. تيتار من أعتى المجموعات الغنائية التي انجبتها مدينة أكادير. إحشاش امسرنات تالبرجت بوتشكات و أحياء أخرى شكلت القلب النابض لجل التجارب الغنائية سواء كانت فردية أو مجموعاتية..
دور المحروم عمر المعاريف صاحب شركة انتاج صوت المعاريف
لزاما ان نعرج على شخص الحاج محمد بن الشيخ في حلقة اليوم لانه لعب دورا بارزا في تاريخ مجموعة أودادن و نظرا للعلاقة المتينة و الوطيدة التي كانت تربطه بجميع أفراد مجموعة أودادن و أذكر بالخصوص عبد الله الفوا. يروي الحاج محمد بن الشيخ في قصته مع مجموعة أودادن أن المرحوم عمر المعارف كان يتصل به يوميا ليخبره انه معجب بمجموعة أودادن حد الهوس و انه لا يجد مانعا بل يتمنى ان يسجل لها نظرا للشهرة التي اكتسبتها أغانيها المقرصنة و تباع في الأسواق دون حسيب و لا رقيب بثمن 06 دراهم للشريط .
عندما احس الحاج محمد بن الشيخ بإصرار المرحوم عمر المعارف و محاصرة هذا الأخير له توسط له عند المجموعة بارساله شخص يسمى مصطفى القصيبي كان يعمل معه في OFICE و طلب منه الآتصال بالفنان عبد الله الفوا لإخباره بان بن الشيخ يسلم عليك و يريد ان يراك في موضوع مهم، بالفعل كان اللقاء بين عبد الله الفوا و بن الشيخ و نقل له بالحرف رسالة المرحوم عمر المعارف.
لم يتردد عازف مجموعة أودادن كثيرا بل قبل العرض بدون شروط إلا أنه كان خائفا من التجربة لانها جديدة على المجموعة وانهم معتادون على السهرات على الهواء في الاعراس و الحفلات الخاصة و قال له بالحرف (نكني ارنسكار غير الهضرة)، و لما كان اللقاء بين المرحوم عمر المعارف والفنان عبد الله الفوا طلب منه هذا الأخير ان يرافق تسجيلهم ببوسطيرات كبيرة و في جميع الاحجام من أجل الشهرة بالفعل كان لهم هذا الطلب بوسطيرات للمجموعة على شكل يوميات و بوسطيرات أخرى لجميع أفراد المجموعة وعندما علم افراد المجموعة بهذا الخبر احسوا بالخوف كذلك و التردد لانهم مازالوا فتيان في مقتبل العمر والغناء عندهم عبارة عن لهو و اغاني في الاعراس و الحفلات الخاصة، و خاصة أن المجموعات الغنائية التي كانت آنذاك مسيطرة في السوق ومطلوبة في الاستديوهات هي أغاني تزنزارت.
شجعهم الحاج محمد بن الشيخ بربط العلاقة مع المرحوم عمر المعارف للاستفاذة من علاقته ببعص الوجهاء و دوي النفوذ الذين سيمكنونهم من فتح أبواب النجاح وهذا الأخير لم يكن يرفض لبن الشيخ أي طلب لذلك اتصل بالمجموعة من أجله و اعتبره صديقا له اد سبق ان سجل بدوره ضمن مجموعة تيتار خمسة أشرطة لدى صوت المعارف.
كانت مجموعة أودادن آنذاك لا تملك مقرا قارا تتدرب فيه بل كانت تتنقل بين أحياء بنسركاو من الدرب أوشفري في أدوار إزدار الى بيت المرحوم حسن أعطور في أدوار نتزومت. احتضنهم المرحوم عمر المعارف في الأستوديو و وفر لهم كل مستلزمات التداريب وحتى المبيت لمن أراد. يقول الفنان محمد جمومخ أن التداريب و الإستعداد للتسجيل مر في ظروف صعبة للغاية و هذا راجع لضعف الوسائل و صعوبة تقنية التسجيل التي تختلف على ما هو متداول اليوم وكون افراد المجموعة لم تكن لهم من قبل تجربة في طريقة التسجيل و كانت المحاولات تبتدئ على الساعة السادسة مساء الى الخامسة صباحا.
حتى عندما اكتمل التسجيل لم يكن هناك أي اتفاق على الأجر و كان شرط المجموعة ان يخرج هذا العمل الى الأسواق بصور كبيرة تظهر جميع أفراد المجموعة في بوستيرات كبيرة على واجهة الأستوديو و يضيف بن الشيخ في هذا الموضوع ان المرحوم عمر المعارف جنى أموالا طائلة تقدر بمئة مليون سنتيم من هذا العمل على حد قول بن الشيخ.
الشريط الأول لمجموعة أودادن
هكذا تشاء الظروف أن تسجل مجموعة اودادن شريطها الاول لدى صوت المعاريف سنة 1985 و لكنه لم يخرج الى الأسواق إلا في سنة 1986 و كلما تحدثت مع صديقي الفنان محمد ابلا البياز على هذا الماضي الجميل إلا و استرسل في الحديث معتزا و متفاخرا بأودادن التي لم تبرح مخيلته يوما لانها شكلت قطعة من حياته اما عن عبد الله الفوا فيقول أنه هو الذي حقق حلم المجموعة رفقة المرحوم حسن أعطور محمد جمومخ العربي أمهال و احمد الفوا.
تضمن هذا الشريط الأول للمجموعة في الأستوديو العناوين الثالية : إغيرا أوتبير و أجميل و وا يودادن و ماداغ إسالان إزكناد و إربي أيزرينو و شاهدند الملائكة و كات أسلامينودو إكالن و مايي تريت و أتبير أومليل و لحورمانون آلوز و ربي كاد يان إكيك. هذا الشريط حصيلة تجارب و حفلات و اعراس كثيرة في جميع المناطق المجاورة لمدينة أكادير جمعت من هنا و هناك ما ظَنّ أحد انها ستحدث هذا الحدث الكبير. فيه انفتاح على التنوعات الشعرية والموسيقية الأمازيغية العصرية والروحية، تعبِّر فيه المجموعة عن أحاسيسها تجاه الطبيعة و الحب و المرأة والرجل بلغة شعرية تحمل صورا تحفِّز خيال المستمع ليقارب تصورها الخاص للموسيقى.
كان الشريط رائعا و لذلك لعب المحبون دورا رئيسيا في تمريره و توزيعه بين الناس و صداه لا زال حيا الى اليوم فكل من توفر على نسخة منه صعب عليه التفريط فيها لان أغانيه بكل صراحة سبقت عصرها و وقتها و عرف ذلك العمل وقتذاك رواجا و انتشارا خاصة في أكادير بنسركاو الدشيرة انزكان و جميع مدن المغرب عامة. وعرفت المجموعة في تلك الفترة نجاحا منقطع النظير تجلى في كسب قلوب جماهير غفيرة ظلت وفية للمجموعة و تتبعها أينما حلت و ارتحلت.
دفعت المجموعة ثمنا غاليا مقابل التسجيل ضحت بالغالي و النفيس من أجل أن يخرج عملها في شريط يباع في الأسواق وهذه باختصار شديد بعض الأسباب الخفية التي ادت الى تسجيل هذا الالبوم التاريخي بعد خروج الشريط الأول للمجموعة وهو اول تسجيل تجاري في تاريخ أودادن تجلى في اسطوانة من عيار 33. ان ما يثير في صورة غشاء الشريط هو الأناقة البالغة لافراد المجموعة بارتدائهم اللباس المغربي التقليدي الأمازيغي.
عرفت المجموعة إذن تألقا كبيرا و كسبت جمهورا أمازيغيا واسعا كما لقت قبولا و دعما منقطع النظير في الأوساط البورجوازية السوسية. أما الفنان عبد الله الفوا فله رأي جد إيجالي في المرحوم عمر المعارف اذ لا ينكر فضل الرجل على المجموعة في تلك المرحلة من مسيرتها فهو الذي ضمن لهم الاشتغال باستمرار و مكنهم من الخروج من قوقعة المحلية اكادير بنسركاو انزكان بفضله خرجوا مرارا الى فرنسا و شاركوا في العديد من المهرجانات الوطنية و كان له الفضل في التعريف بمجموعة أودادن و اخراجها الى الوجود وطنيا ودوليا، وعندما نقول دوليا فإننا نقصد أحد معارف المرحوم عمر المعارف السيد الطاهر من شركة شاطر ديسك الذي قام بتوزيع عملهم هذا في فرنسا و خارج فرنسا وكان اول منتج و منظم السهرات الذي كان سببا في دخولهم الى الديار الفرنسية و البلجيكية و الهولندية.
في سنة1986 بعد نجاح الشريط الأول الذي لم يكن في الحسبان فكرعبد الله الفوا و المرحوم عمر المعارف و قالا لماذا لا ننظم سهرات في القاعة أو على الهواء و نسجلها مادام الجمهور يحب هذا النوع من الغناء، فاتصل المرحوم عمر المعارف ببوعزة أحد المنظمين للسهرات المتوفرين على لوازم التسجيل من مكبرات الصوت و ميكروفونات و اجهزة صوتية و آلات التسجيل. قررت إذن المجموعة أن تخوض تجربة أخرى تجربة السهرات على الهواء مباشرة مع الجمهور و لكن التسجيل سيكون بتقنية الأستوديو.
هذا الشريط هو شريطها الثاني وهو عبارة عن سهرة في قصر الأندلس وقد قيل الكثير عن هذه السهرة التي حققت نجاحا كبيرا فاق ما كان منتظرا. نجاحا جماهيريا باهرا إذ مرت السهرة في أجواء احتفالية وتجاوب فيها الجمهور مع مجموعته بكل عفوية. كان الإقبال على اقتنائه منقطع النظيرعبر جميع انحاء المملكة وبرهن نجاحه مستوى المجموعة و قدراتها لا تقلان على اعتى المجموعات المغربية دات الصيت الواسع.
تضمن هذا الشريط V1 الأغاني التالية : إنيدوشكيغ و إزدأتيتبرين و مانزاك أولي ينان و الله أوينوي و أييس أورتيربا و أتبير إكان أزروال و واياتبير الباز و ماداوا كيكي تنيت و ريغ أنمون اوا و ربي العفو .
تضمن الشريط V2 الأغاني التالية :مي يا لالا و مال حبيبي شاف فيا و الناس جابو لي هدية و وا ها ربي يا مولاي و تابرانيت حارة و ضالب إربي سأوفولكي و علاش أبنادم مافيك الخير.
الشريط V3 دائما سهرات قصر الأندلس يتضمن الأغاني التالية :أطيط إنو أدامدرارخ و واحق ربي والله أراح تيويت العقل و أييس أوريتيربا و إهنا الحال و و إمي وبابا و أغاني هوارية واها ربي يامولاي و ضالب إربي سوفولكي إكفاونت.
النجاحات تتوالى و المجموعة تعمل و تجتهد و تتسابق مع الزمن لكي تقدم الجديد و تكتسح الساحة و تكسب اموالا و تقوم بتجديد آلاتها التي تشتغل بها. بدأت المجموعة تحقق نوعا من الإستقلالية و تحاول ان تتفادى استغلالها من طرف بعض المنظمين.
في نفس السنة 1986 بدأت المجموعة في تهييء شريط جديد داخل الأستوديو لنفس الشركة صوت المعارف الذي خرج في نفس السنة و تميز عن الأعمال الأولى بعدة مميزات تضمن مجموعة من القطع فيها القديم و الجديد أولها : أطيط إنو و إهنا الحال و وا إمي وا بابا و واحق ربي و الله و أييس و العفو يا مولانا.
احتفظ المنتج بنفس الصورة عل الشريط نظرا لضيق الوقت لأن المجموعة في سباق مع الزمن و لا تتوفر على الوقت الكافي في إعداد بوسطير جديد لهذا العمل. من هنا أخدت المجموعة على عاتقها ان لا تظهر ابدا في جميع المحافل الوطنية و الدولية إلا بزي مغربي أمازيغي أصيل و هذا اقتناع يوازي قصائدها و ألحانها و لونها المميز. المجموعة اليوم تودّ أن تركز على ما تفعله مؤكدة على أن الزمان هو المكان وسط حالة التغيّر والتحوّل المستمرة. من المبتدأ، كان خبر النجاح الباهر للمجموعة التي استقبلها الجمهور الغفير واحتضنها بالكامل و الشامل، وردد أغانيها.ra
استفادت مجموعة أودادن من عوامل محلية و ذاتية أهلتها لإحقاق وجودها على الساحة على الرغم من وضعية التهميش والتغييب المتعمد وواقع المنافسة الشرسة. لعل أهم هذه العوامل التواضع و الطيبوبة و الحس الفني الراقي الذي توفر في عناصرها. مسرح الهواء الطلق بأكادير شهد هو أيضا لحظات و لا اروعها في إحدى ليالي 1986حيث امتلأت جنبات المسرح بكاملها في مشهد رائع قلما تكرر إلا مع المجموعات الكبيرة التي بصمت على حضور فاق كل التوقعات. قدمت المجموعة طبقا و كشكولا في صورة رائعة ابهرت الجمهور لتدشن المجموعة سهراتها الناجحة عل الهواء الطلق و مع جمهورها وجها لوجه.
حطم المرحوم عمر المعارف رقما قياسيا في مبيعات هذه التسجيلات الرائعة التي تهافت عليها المحبين في كل انحاء العالم بالطبع اينما يتواجد الإنسان المغربي كان أمازيغيا او عربيا. تفتخر مجموعة أودادن العالمية اليوم بتوفرها على ربيرتوار غنائي ثري، صدحت بأغانيه حناجر طروبة لم تؤثر فيها عوادي الزمن ولا تطاول السنون و لا أعداء الشهرة الذين يسعون الى التفرقة.
نذكرعلى الخصوص صوت الفنان عبد الله لفوا و إيقاع محمد جمومخ وأحمد الفوا و العربي أمهال و كذلك عزف الفنان المرحوم حسن أعطور، فهذه الأسماء مازالت موجودة في قلوبنا. لا تزال على حالها، وكما سمعنها في أواخر القرن الماضي نسمعها اليوم بالقوة نفسها. للذين يطلبون أسماء الشعراء، أصحاب الكلمات، المشاركون في الألحان فأقول لهم اني اشتغل على هذا الموضوع رغم صعوبة الوصول الى هذه المعلومة.