-->
موقع إموريك للفن الأمازيغي موقع إموريك للفن الأمازيغي

مسارات مجموعة أودادن | الجزء الرابع

مسارات مجموعة أودادن | الجزء الرابع

اعداد الاستاذ الحسين أمكوي
شهادة الفنان و الزجال الكبير رضوان رفيق أورضوان إعشاقن و ناس الغيوان.
يُنظر عادةً إلى الوعي الذاتي على أنه ميزة، فهو يساعدنا عندما نجري حوارًا قصيرًا مع أحد الأشخاص في لقاء خاص أو لقاء عام أوعبر الهاتف يساعدنا هذا على معرفة متى يصبح كلامك مملًّا أو إن كنت تتحدث بصوتٍ عالٍ جدًّا ومع ذلك فإن إدراكنا للانطباع الذي نتركه لدى الآخرين ربما لا يفيدنا مثلما يفيدهم.
في هذه المرحلة بالدات التي سنتحدث عليها شكلت فيها مجموعة أودادن النواة الصلبة لمجموعة ستدخل التاريخ الغنائي العالمي عبر قلوب المغاربة مجموعة تمتلك كودا مباشرا مع جمهورها بدا جليا خلال سهراتها داخل الوطن العربي وفي أوروبا. أراد ضيفنا اليوم أن تكون شهادته تكريما لإحدى المجموعات الغنائية التي بصمت التاريخ الفني المغربي صونا لذاكرة مجموعة أصيلة رأت النور بحي بنسركاو الشعبي بمدينة أكادير.
لعل أول ما يتبادر إلى ذهن القارئ وهو يتفحص ثنايا هذا البحث : هو لماذا هذ البحث عن مجموعة أودادن دون غيرها و الجواب على هذا التساؤل المشروع يطرح نفس السؤال بطريقة عكسية هو ولما لا البحث في مسار تجربة مجموعة أودادن؟؟
الفنان رضوان ريفق أو رضوان إعشاقن الغني عن التعريف الزجال والفنان المغربي و أحد مؤسسي مجموعة إعشاقن الذي تربطه علاقة صداقة بمجموعة أودادن منذ بداية الثمانينات وقد التحق فيما بعد بمجموعة ناس لغيوان وكان احد العناصر الجادة التي انضمت الى المجموعة ليلعب دورا بارزا تجلى في دعم صديقه علال يعلى بالعزف على السنتير. فنان متمرس و طموح يعيش حاليا بفرنسا. هو فنان طيب الخلق و متواضع الى درجة كبيرة.
يحكي سي رضوان إعشاقن انه تعرف على مجموعة أودادن و خاصة عبد الله لفوا صدفة داخل محل معروف بالدار البيضاء لبيع و كراء مستلزمات التسجيلات من مكبرات الصوت و معدات لإحياء الحفلات والمناسبات ، فبمجرد دخوله الى هذا المحل لاحظ أن صاحبه مشغول مع ثلاث شبان، و كعادته تقدم نحو أحد المشرفين على المحل، فلاحظ أن الإخوة الموجودين بالمحل وجدوا صعوبة في التواصل مع صاحب المحل و هذا راجع ربما الى اللغة أو أسماء بعض المعدات ومستلزمات الآلات الموسيقية مما حدا به الى التدخل بحكم أنه من زبناء هذا المحل و من الوجوه المألوفة هناك و خاصة عندما سمع أحد الشباب يهمس لصديقه بلكنة سوسية لتدفعه غريزته أو حنينه الى أبناء منطقته بحكم أن الإخوة يظهر عليهم أنهم أمازيغ من الجنوب و أصحاب المحل من شمال المغرب. بالفعل توفق في تدخله و قرب وجهات النظر بين الزبناء الثلاث و صاحب المحل الى درجة أن الشباب الثلاث استحسنوا تدخله يقول ضيفي بعد هذا تقدم مباشرة الى اكبرهم سنا وطلب منه اسم مجموعته فأجاب عبد الله الفوا أودادن. لم يصدق نفسه و فرح كثيرا فتعلثم في الكلام وقال له أنه جد مسرور وشرف كبير له أن يتعرف على مجموعة أودادن وخاصة رئيسها عبد الله لفوا. تبادل الفنانان أرقام هواتفهم الفِيكْسْ طبعا و افترقا ولكن سي رضوان لم يخفي ابدا أمله في معاودة اللقاء بالفنانعبد الله الفوا وكان حينها لا يزال فردا في مجموعة عشاقن.
تحمس ضيفي كثيرا لهذا الحوار وهذا البوح، وكلما تحدثنا عن ذاك الماضي الجميل إلا و استرسل في الحديث معتزا ومفتخرا بعلاقته بمجموعة أودادن فالمجموعة بالنسبة له لم تبرح مخيلته يوما لأنها شكلت قطعة من حياته على حد قوله طبعا. مرت أيام دارت الأرض مرات وتكررت زيارات المجموعة الى الدارالبيضاء مرات عديدة وكانوا ينزلون عند شخص بالمعارف بتجزئة تل نورماندي وكما تعرفون أن المجموعات الغنائية الأمازيغية في الدار البيضاء في ذلك الوقت تجمعها ظروف وضغوطات الغربة والحنين لبعضهم البعض لهذا كانت هذه المجموعات تتزاور فيما بينها كلما أتيحت لها الفرصة. و بالصدفة مرة أخرى وهذه المرة بالدريسية، يلتقون عند صديق مشترك صاحب محل لبيع العطور والكاسيط و هو في نفس الوقت من أعز أصدقاء ومحبي مجموعة أودادن هنا سيتجدد اللقاء مرة أخرى بين الفنان عبد الله الفوا والفنان رضوان إعشاقن لتبدأ علاقة إنسانية تُنْسج بين الشخصين. يحكي ضيفي انه تحضره الآن صورة الفنان عبد الله الفوا وهي موشومة بانخراطه الصادق والعفوي في الضحك وكل ملامحه كانت تشارك في هذا الضحك بطيبوبة لافتة. استطاب الفنان عبد الله الفوا ذلك الجو وطيبوبة اناسها بدأ يتردد عليها باستمرار هو و افراد مجموعته.
أخذ رضوان إعشاقن على عاتقه إستقبالهم في بيته ومنح كل فرد من أفراد المجموعة مفتاحا خاصا به لكي يلج البيت في أي وقت وخاصة عندما تحل المجموعة بالدار البيضاء وحتى لو لم يكن هو داخل المغرب، وطلب من الجميع ان يستغل هذا البيت كما لو كان بيته، زيادة على أنه كان قريبا من المحطة. وبحكم أن هذا الأخير يملك هذا البيت في الدريسية يكتريه لنفسه ويستغله كمقر مجموعة عشاقن يتدربون فيه ويتسامرون فيه كلما دعت الضرورة الى ذلك. يحكي ان الفوا اقترح عليه ذات مرة أن يودع عنده في هذا البيت عتادهم الخاص بالحفلات و المناسبات و في نفس الوقت تستعمله أيضا مجموعة إعشاقن كلما كانت عندهم حفلات أو مناسبات دون اللجوء كل مرة لكرائه، استحسن الفكرة وشكره على كرمه. أخذ ضيفي نفسا كبيرا و استرسل في الكلام و هو لا يخفي ارتياحه و إعجابه بنبل و طيبوبة الفنان عبد الله الفوا وتساءل من يقدر في ذاك الزمان أن يعطيك عتاد يقدر باربعون ألف الى خمسون ألف درهم تحت تصرفك دون ان يسألك يوما عن المقابل؟
 يقول ضيفي أن مجموعة أودادن كانت و مازالت جزءا من عائلته يشاركها أحداثها اليومية و كثيرا ما كان يرافقها في حصص تداريبها كما يشاركها في حفلاتها الخاصة و العامة ويحكي أنه نسج علاقة أخوية كذلك مع الفنان العربي أمهال والفنان أشاور الحسن منذ أن التحق بالمجموعة كما كان هذا الثلاثي السبّاق دائما الى مكان العمل للقيام بالترتيبات الأولية instalation de la sono قبل حضور باقي أفراد المجموعة، كما لا يخفي كذلك إعجابه بالمرحوم حسن أعطور كما أسهب كذلك في الحديث عن تلك الجلسات التي ينظمونها بينهم لصقل موهبتهم، وبالنسبة للفنان محمدجمومخ حاول ضيفي أن يختار كلماته بتأن وبدون تسرع و بدبلوماسية ولخصها في مسافة من الإحترام والتقدير بحكم أن سي محمد جمومخ حُدودي في علاقته مع الجميع، بدون أن يخفي كذلك أنه فنان كبير وإيقاعي متمرس. أما بالنسبة لاحمد الفوا فقد اسهب في الحديث عنه وركز عن دوره الذي قال عنه أن فنان كبير وعازف بارع و لم يراه و لو مرة يتطفل على آلة أخوه عبد الله و هذا راجع الى احترامه لعبد الله وأضاف أن له أُذن فنية خطيرة ممتازة و أي مُسْتَوية ليست في محلها ينقلها له بالإشارة لتصل رئيس المجموعة لتداركها كانت التشكيلة على المنصة كالتالية : عبد الله الفوارضوان ريفق. احمد الفوا محمد جمومخ  الحسن أشاور. العربي أمهال. المرحوم حسن أعطور.
طبعا نحن أبناء بنسركاو نعرف جيدا أن الفنان عبد الله الفوا يمتاز باخلاق أبناء سوس كالكرم والجود لا يصُد بابه المفتوح في وجه أي كان انسان صبور يساعد المحتاجين صريح تلمس الصدق والموضوعية من حديثه يستحيل ان ينكر فضلا لأحد عليه أو على المجموعة. في هذا البوح يستعمل ضيفي كلمات كبيرة فهو على ما أظن رجل سياسة مباشر، عكس الضيوف السابقين له وعي اجتماعي و يستعمل الرمزية أكثر، لم أتملك نفسي و وضعت عليه أسئلة محددة وتصب في لب الموضوع. لاحظت أن الليل ارخى سدوله و لقائي به اوشك على النهاية و لم اتطرق معه بعد لموضوع الشريطين. سألته مباشرة : هل كان لرضوان إعشاقن أي تدخل في ترتيبات تسجيل هذان الشريطان ؟؟
مرت ثواني قليلة أظن أن ضيفي أشعل لُفافَة تِبْغ و أخذا نفسا عميقا من السيجارة ثم تابع كلامه.
 يقول أنه يظن أن مجموعة أودادن أخذت تجربة كبيرة من خلال أعمالها السابقة و من خلال سفرها الى العالم العربي والعالم الغربي و بالتالي لا يظن أن هناك شيء عفوي حيث أن كل شيء عند الفنان عبد الله الفوا محسوب فهذا الأخيرعندما يعمل أو يلحن يلحن بصدق وعندما يغني يغني بصدق فكل أعماله يعتريها الصدق فبالتالي لايمكن لأحد أن يتدخل في عمله أو أن يؤثرعلى أفكاره لا من قريب و لا من بعيد.
لابد ان نعود هنا ثانية الى أجواء تسجيل الشريطان 96/97 حين اصبح امر تسجيلهما جديا و مفروضا ولم يعد لارجائه اي مبرر مقنع يقول الفنان رضوان اعشاقن في هذا الموضوع انه لم يكن له أي دخل ولا أي تأثير على مجريات هذا التسجيل ودائما على حد قوله يؤكد للمرة الألف أن كاريزما الفنان الفوا لا تسمح لأي أحد ان يتدخل في عمله فهو رجل صارم فيما يخص هذه الأمور، الإستشارة، نعم يستشير مع أعضاء المجموعة و لكن الكلمة الأخيرة تكون في الأخير له وحده، هو الذي يقرر، ويضيف ان هذا الأخير فنان كبير ومبدع واشتغل في هذان الشريطان على الكدرة واشتغل كذلك على مجموعة من المقامات الجديدة ، و بطريقة قاطعة وفنية أشار إلى شيءٍ لم أفطن له من قبل ألا و هو عنوان أحد الشريطان : أمان ياضنين أيا، فهذا العنوان يزكي بما لا يدع مجالا للشك أن رئيس مجموعة اودادن واعٍ بما يفعل و أراد ان يرسل رسالة الى محبيه أنه فعلا أراد ان يُبدع نوع آخر من الألحان و أضاف أن le code Aman yadnin aya متداول كثير بين عامة الناس و بين الفنانة الكبار كلما ظهر جديد على الساحة. على أي لا اخفي عليكم إخواني أن لقائي بهذا الفنان الذكي و المحنك كذلك أحسني بشعور الإرتياح على كلما كتبته الى حد هذه السطور حول هذه المجموعة. استمر حديثي مع الفنان رضوان إعشاقن ساعات تحدثنا فيها عن أشياء كثيرة مثيرة و دقيقة جدا.
كان الفنان رضوان إعشاقن في بداياته الفنية يبحث دائما عن الجديد سواء داخل مجموعته أو خارجها ليدفعه طموحه وحبه لعمله أن يطلب من علي شركة انتاج لاحباب أن يشتغل معه في الأستوديو وخاصة أنه دائم السفر الى أوروبا بحكم إلتحاقه بمجموعة ناس الغيوان و كان لزاما عليه أن يعرف ويتعرّف عن قرب بخبايا الأستوديو Table de mixageو خاصة أسماء المعدات وطريقة توظيفها بفضل أحد المشرفين على الأستوديو مدير الصوتيات الوِجْديُّ الأصل ( تُحفظ الموسيقى رقميا على قرص صلب hard disk، ثم تُنقل باستخدام برامج كمپيوتر متطورة الى جهاز المزج قبل ان تصدر اخيرا النسخة الاصلية على كاسيت سمعي رقمي).. وعن طريق شركة انتاج علي لاحباب سيحتك رضوان اعشاقن عن قرب بأجواء تسجيل هذان الشريطان حتى أنه نفى قطعا معرفته بخلافات أفراد المجموعة عن إيقاعات وألحان هذان الشريطان و كلما قرأه من المقال الأول كان جديدا عليه و بالتالي هذا تأكيد آخر على أن كلما يقع داخل المجموعة يبقى داخلي يخص المجموعة ومن خصوصية المجموعة، و لم يخفي ضيفي بتاتا أنه تفاجأ بهذا الأخد والرد حول حيثيات تسجيل هذان الشريطان رغم أنه قضى مع المجموعة وقتا كبيرا وشارك معهم في سهرات وحفلات كبيرة داخل الوطن وخارجه.
و أضاف كذلك أن كل من يحسب أن لفوا قد ترامى على ضرب آخر من الغناء فهو مخطئ أيما خطأ لان عبد الله وإن كان ابنا صالحا لمدرسة الروايس ونجما ساطعا فيها فهو في نفس الوقت يبدع ويشتغل على مقامات أخرى ويوظف آلات أخرى ولم يقم الا باستعادة تجربته السابقة في قالب جديد نجح في فرض نفسه كثيرا وأبدع في هذان الألبومان التي وظف فيهما مقامات أخرى وكل ما لم تُتحه مدرسة أودادن.
و أضاف أن ما غذى هذا النجاح هو الاتفاق المسبق على ذلك التعاون النبيل ثم روح الاخوة والتعاون الذي جمع أودادن ومجموعة إعشاقن. تابع سي رضوان حديثه وحاول أن يكون هادفا وجامعا لكل حيثيات هذه المرحلة من مسار مجموعة ودادن حيث أكد لي أن العلاقة التي تربطه بالفنان لفوا تجاوزت المألوف حيث كانت علاقة إنسانية ووجدانية فذاكرته مازالت تستحضر الزيارات المتبادلة بينهم حيث كان يزوره في بيت العائلة ببنسركاو وتحدث كثيرا على إخوته والمرحومة والدته التي قال عنها أنها من أطيب خلق الله وعُرفت بجودها وكرمها الزائد وفرحها وترحابها الكبير باصدقاء ابنها و ضيوفه.
يتبع...

التعليقات



إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

موقع إموريك للفن الأمازيغي

2022