-->
موقع إموريك للفن الأمازيغي موقع إموريك للفن الأمازيغي

مذكرات الفنان المطرب احمد أبعمران - الحلقة 4

 مذكرات الفنان المطرب  احمد أبعمران - الحلقة 4

مذكرات الفنان المطرب  احمد أبعمران - الحلقة 4

المطرب احمد ابعمران
تولى الحسين العزف على الرباب، وتوليت أمر العزف على آلة لوتار، وتولينا معا أمور الإيقاع. قمنا بهذا العمل لوحدنا دون صعوبات. وحين أنهينا عملنا في التسجيل، خرجنا من منزله متوجهين مباشرة إلى مقر شركة المعارف التي كان لها دور كبير في اكتشاف مواهب موسيقية كثيرة، ومن هذه المواهب الحسين أمراكشي الذي اشتهر من الألبوم الأول، ما مكنه من شراء منزل وسيارة منذ الألبوم الأول. وهذا أمر يُستبعد، بل يستحيل تحققه حاليا.
وقبل دخولنا إلى الأستوديو أخبرني الحسين أنه إذا أعاد لي عمر المعارف "التجربة" [الشريط] ولم يأخذها فهذا معناه أن العمل غير مقبول، وإذا أخذها فهذا معناه أنه مقبول. حين وصلنا إلى الشركة عرفني الحسين بعمر صاحب الشركة رحمه الله، وأخبره أني فنان، وأني سجلت أشرطة سابقة، ودافع عني بآرائه حول الأغاني التي سجلتها. رحب بنا وقدم له الحسين شريط التجربة.
منذ ذلك الوقت، أي سنة 1991، استقررت في مدينة أكادير، ولم أعد إلى قريتي من جديد إلا في المناسبات الخاصة. اشتغلت في مقهى "ماكسويل" قريبا من الشاطئ، وفي الآن نفسه بدأت أعمل مع الروايس بالعزف على آلة لوتار. وبمناسبة الحديث عن هذه الآلة، أود القول إني متمسك، وما زلت، بآلة لوتار، ولم أرضخ لإغراء الآلات الموسيقية الغربية الجديدة، مثل القيثارة الكهربائية والبانجو وغيرهما، على خلاف كثير من الفنانين. أنا أعتبر أن التخلي عن آلة لوتار هو تخل عن ثقافتنا وهويتنا، فلو تخلينا على لوتار والرباب (أمزاد) فماذا سيبقى؟ إن هاتين الآلتين هما تراث أمازيغي يجب الحفاظ عليه، ولا يعني ما سبق أني أرفض استعمال الآلات الغربية، بل على العكس من ذلك تماما، فما أعنيه أن تسجيل أغنية أمازيغية يتطلب حضور كل هذه الآلات. على كل حال، فحين أعطى الحسين الشريط للمرحوم عمر المعارف ذهب للاستماع إليه، فيما كنت رفقة الروايس المحترفين الذين وجدتهم في الأستوديو مثل حسن بومليك والحسن بلمودن والحسن أبلدي وعبد الله كفّا وحسن حطنات، وغيرهم ممن لا أتذكر أسماءهم. فيما كنا نتبادل أطراف الحديث، عاد عمر وقال لي أنه استمع إلى الشريط، غير أن العمل يتطلب بعض التعديلات، ولم يُعِد إليّ ذلك الشريط، وهذا كان فأل خير بالنسبة لي كما قال لي الحسين.
من الغرائب في ذلك الوقت أن الدخول إلى الأستوديو يبدو صعبا، وهناك في الأستوديو عدد كبير من الروايس الذين يتحكمون في آراء صاحب الشركة، وحتى إذا جاء مغن مثلي إلى الأستوديو فلن يقبلوا دخوله. ولعل كوني مع الرايس الحسين هو ما سهل لي هذا الأمر. على كل حال، فقد تواعدنا أنا والحسين على اللقاء من جديد.

ثلاث سنوات من التجوال الحافي

طوال ثلاث سنوات لم أتوقف عن زيارة الحسين أمراكشي في منزله، لقد كان باب بيته مفتوحا طوال اليوم في وجه الناس وفي وجه الفنانين، لم يكن متزوجا في ذلك الوقت، ما جعل تواجد الفنانين في منزله باستمرار أمرا عاديا.
في هذه السنوات الثلاث (1991- 1994) كنت أعمل في المقهى المذكور الذي يتوافد عليه الأجانب من كل الدول، وحين يطلبني أحد الفنانين للعمل معه أستدعي أخي عبد الله، الذي كان وقتها طالبا جامعيا، لينوب عني في المقهى. وكنت أغني في الأعراس والمناسبات الوطنية مع الروايس الذين كانوا مثلي في الشهرة، أو أكثر مني بقليل، أذكر من هؤلاء سعيد أشلحي، وجامع أبودرار، ولحسن لجوهر، ومولاي سعيد جبارا، وعبد اللطيف أزيكي مع مينة تاباعمرانت، ولحسين أتبير مع خدوج تاعيالت. أشير فقط إلى أن الحفلات في عهد الحسن الثاني كانت كثيرة جدا، سواء تعلق الأمر بالأعياد الوطنية أو الأعراس أو غير ذلك، ويكفي تأسيس فرقة موسيقية في ذلك الوقت للحصول على عمل هنا أو هناك.
لقد تعلمنا من تلك التجارب كثيرا، تعلمنا منها الأداء المباشر بحضور الجمهور. لكني الآن أحس بنوع من الاستياء، لقد أخطأت لأني ضيعت ثلاث سنوات دون أن أسجل شريطا. كنت أبدع باستمرار، وطالما تعبت بحثا عن الكلمة الموزونة والمعبرة، أما الألحان الفريدة فتنهال عليّ مثل المطر، ومع ذلك تقاعست، ونتائج التقاعس في أيّ مجال تكون نتائجه وخيمة.
في تلك السنوات الثلاث، كنت أزور بين الحين والآخر صديقي الحسين أﮔـىُيلال، وقد سجلنا معا شريط تجربة أردنا منه أن يكون وفق الموضة التي كانت سائدة في الزمن، وأعني موضة "إخوان" [إخوان أمراكشي، إخوان أرسموك، إخوان كذا...]. وقد أخذنا الشريط إلى شركة النجوم. طلبت من الرايس الحسين أن يدخل إلى المحلّ لوحده، وسمعت صاحب الشركة يقول له:
- مَتْرِتْ أَرَّيْسْ؟
قال الحسين:
- إِوِغَكْدْ يَتْ لْكَسِطَ إيْخْوَنْ.
أجابه صاحب الشركة قائلا:
- هَتِ لْعَمْرْ أَدْرِغْ، إِمَّ لْخَوِ إِعْمّْرْ نِتْ غِدْ.
سوء التفاهم هذا جعلنا نضحك كثيرا كلما التقينا. فالرايس الحسين يتحدث عن شريط يجمع الإخوة، فيما يتحدث صاحب شركة النجوم عن الخواء.
يتبع...
 


التعليقات



إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

موقع إموريك للفن الأمازيغي

2022